الجزء السابع : حرب الجمل ,,, المعركة ونتائجها


قبل القتال : حيرة البصرة المأساوية[1]

وصل علي بقواته إلى طرف البصرة في منطقة الزاوية, وكان أعداؤه قد تمركزوا في منطقة الفرضة.
وقد وجد عليّ لدى وصوله قبيلتين كبيرتين من أهل البصرة في انتظاره بلهفةٍ وشوق : عبد القيس وبكر بن وائل, وهما اللتان كانتا قد عارضتا سيطرة خصومه على البصرة وخسرتا جزءً من أبنائهما في المقتلة التي نفذها اعداء عليّ ضد " قتلة عثمان " .
وأحدث وصول الخليفة بقواته اضطراباً إضافياً لأهل البصرة , المضطربين أصلاً من جراء كل هؤلاء القادمين الجُدد الذين نقلوا إلى مدينتهم كل عواقب الأحداث الجسام التي حدثت في المدينة قبل بضعة أشهرٍ . كان البصريون يرون أن الأمور قد سارت نحو الهاوية وأن الوضع قد غدا الآن على شفير الانهيار التام.
وعليّ قد أتاهم على رأس جيشٍ من إخوانهم من أهل الكوفة. وفي مدينتهم توجد بالفعل زوجة الرسول(ص) واثنان من كبار صحابته. وأسقط في يد أهل البصرة, فغدوا عاجزين عن اتخاذ موقف موحّدٍ مما يجري.
وانقسمت قبائل البصرة.
فقسمٌ منها , وبالأخص قبيلة ربيعة الكبيرة بفرعيها عبد القيس وبكر بن وائل , انحازت بالكامل إلى جبهة عليّ وانضمت لجيشه. يقول البلاذري من طريق ابي مخنف انه لما وصل عليّ بقواته قادما من الكوفة" خرج اليه شيعته من اهل البصرة من ربيعة , وهم ثلاثة آلاف. على بكر بن وائل شقيق بن ثور السدوسي وعلى عبد القيس عمرو بن مرحوم العبدي"
وقسمٌ آخر , وبالأخص الأزد, انحازت بالكامل إلى معسكر ام المؤمنين والصحابيّيْن وأصرّت على حماية " حَرَم رسول الله " مهما كلّف الأمر. قال البلاذري من طريق ابي مخنف  ايضا " وبايعهم الأزد ورئيسها صبرة بن شيمان الحداني. فقال له كعب بن سور بن بكر : أطعني واعتزل بقومك وراء هذه النطفة ودعْ هذين الغارين من مضر وربيعة يقتتلان. فأبى وقال : أتأمرني أن اعتزل أم المؤمنين وأدعُ الطلب بدم عثمان؟! لا أفعل"
 وقسمٌ ثالثٌ من القبائل, وخاصة تميم, انقسمت صفوفها ما بين مؤيدٍ لعليّ ومؤيدٍ لعائشة وما بين داعٍ لاعتزال الفريقين.
 ويروي الطبري تفاصيل نقاش بين عليّ بن أبي طالب والزعيم التميمي الأحنف بن قيس أخبره فيه الأحنف أنه , هو شخصياً مع أبنائه وعائلته, مستعدٌ للانضمام إليه فوراً ولكنه غير قادرٍ على إقناع كل قبيلته على الانضمام معه, ولذلك هو يطلب السماح من عليّ عن عدم القتال معه في مقابل وعدٍ منه بأن يقوم بإقناع قومه بالابتعاد عن معسكر ام المؤمنين والصحابيّيْن, أو حسب تعبيره " إن شئتَ أتيتكَ وإن شئتَ كففتُ عنك أربعة آلاف سيف"[2]. ولما وافق عليّ على طلبه, قام الأحنف بالفعل بالطلب من قبيلته الاعتزال وعدم القتال مع عائشة. وأورد الطبري أيضا تفاصيل حوارٍ بين الأحنف وبين زعيمٍ آخر من تميم, هلال بن وكيع , أصرّ خلاله الأخير على القتال مع " أم المؤمنين ". وفي نهاية المطاف فإن قبيلة تميم الكبيرة انحاز جزءٌ كبير منها , بنو سعد بالأخص, إلى رأي الأحنف واعتزلوا الفريقين وخرجوا إلى منطقة وادي السباع, وانحاز جزءٌ آخر منها , وبالأخص بنو حنظلة, إلى رأي هلال بن وكيع فقاتلوا مع عائشة.

كان الوضع معقداً, والقرار صعباً. فوجود زوجة النبي(ص) بينهم ودعوتها لهم له رمزيةٌ كبيرة. فكيف يستطيع الرجلُ العربي, المسلمُ, أن يتخلى عن " شرَف " رسول الله, الذي تمثله حَرَمُه التي أتت من بلادٍ بعيدةٍ لتستجير بهم وتستنهضهم؟ وقد أورد الطبري جوابَ زعماء بني عدي على دعوة عمران بن الحصين لهم بالاعتزال وترك معسكر عائشة " فرفعَ شيوخُ الحيّ رؤوسَهم إليه فقالوا : إنا لا ندَع ثِقلَ رسول الله(ص) لشيئ أبداً "[3]

محاولات اللحظات الأخيرة[4]

وقبيل بدء القتال , بذل عليّ محاولة أخيرة مع طلحة والزبير , على أمل أن يصحو ضميرهما, فيتراجعان في اللحظة الأخيرة. فأرسل عبد الله بن عباس وأوصاه أن يركّز جهده على التفاهم مع الزبير,لأنه كان يرى أن معدن الزبير أفضل من غيره من أهل التجمّع المعارض , لصلة القرابة , وكان يأمل أن يردّه ضميره الى الحق . ولأنه كان يعتبر طلحة متغطرساً متكبراً , وذلك جليّ في قوله لابن عباس :
 " لا تلقينّ طلحة ! فإنك إن تلقه تجده كالثور عاقصاً قرنه , يركب الصعبَ ويقول هو الذلول ! ولكن القَ الزبيرَ فإنه ألينَ عريكة, فقل له يقول لك ابن خالك : عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق! فما عدا مما بدا؟ "[5]
وكتب عليّ محاولاً اقناع طلحة والزبير بالرجوع إلى الطاعة :
" فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما , فانّ الآن أعظم أمركما العار , من قبل أن يجتمع العار والنار . والسلام "[6]

 " ويقول لطلحة والزبير : خبأتما نساءكما وأبرزتما زوجة رسول الله(ص) واستفززتماها ؟! "[7]
وأيضاً :
" .... لقد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً !
إن كنتما أعددتما عند الله عذراً فاتقيا الله سبحانه , ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثا..."[8]
وكتب إلى عائشة :
" أما بعد: فإنكِ خرجتِ غاضبة لله ولرسوله, تطلبين أمراً كان عنكِ موضوعاً. ما بالُ النساء والحرب والإصلاح بين الناس؟
تطالبين بدم عثمان؟ ولعمري لمَن عرّضكِ للبلاء, وحملكِ على المعصية, أعظم إليكِ ذنباً من قتلة عثمان.
وما غضبتِ حتى أغضبتِ, وما هِجتِ حتى هيّجتِ.
فاتقِ الله وارجعي إلى بيتكِ "[9]
وفي رواية اخرى[10] انه كتب لها " فاتقي الله الذي اليه مرجعك ومعادك وتوبي اليه فإنه يقبل التوبة عن عباده. ولا يحملنك قرابة طلحة وحب عبد الله بن الزبير على الاعمال التي تسعى بك الى النار"   

وهذه المراسلات والمحاولات من قبل عليّ تنسجم تماماً مع عادة عليّ ودأبه في كل حروبه. فهو كان دائماً حريصاً على إعطاء خصومه فرصة للتراجع السلمي, أو بحسب التعبير القديم " الإعذار إليهم" .
 وفي الحقيقة فإن علياً لم يكن يعرض شيئاً على خصومه سوى الدخول في الطاعة. وهذا المنهج الثابت سيبقى أهم ما يميز علياَ في صراعه الأكبر ضد معاوية. فعليّ لم يكن رجل مساومات. فهو كان يرى أن الحق معه, وبالتالي لا يجوز له أن يداهن في الحق عن طريق تقديم تنازلات لمن هم على ضلالة.

وجاءه الجواب النهائي من طلحة والزبير :
" .... أما أنتَ فلستَ راضياً دون دخولنا في طاعتك. ولسنا بداخلين فيها أبدا. فاقضِ ما أنتَ قاضٍ"
وقال له طلحة :
" .... فاعتزِل هذا الأمرَ , ونجعله شورى بين المسلمين...."
وكتبت له عائشة :
" جلّ الأمرُ عن العتاب. والسلام "[11]

فلما يئس عليّ تماماً من إمكانية إقناع طلحة والزبير بالتراجع , دعا عليهما:
 " ... اللهم انهما قطعاني وظلماني , فاحللْ ما عقدا ولا تحكم لهما ما أبرما وأرهما المساءة فيما أمّلا وعمِلا .. "[12]
" ثم رفع يده الى السماء وهو يقول : اللهم! ان طلحة بن عبيد الله أعطاني صفقة بيمينه طائعاً ثم نكث بيعه. اللهم فعاجله ولا تميطه.
اللهم! ان الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوّي ونصب الحرب لي وهو يعلم انه ظالم, فاكفنيه كيف شئتَ وأنّى شئتَ "[13]

وبدأ عليّ بالشحن النفسي لقواته وأنصاره :
فهو أولاً وصف الفسادَ الذي أحدثه أصحاب الجمل في الأرض:
 " فقدموا على عمالي وخزّان بيت مال المسلمين الذي في يدي , وعلى أهل مَصرٍ كلهم في طاعتي وعلى بيعتي , فشتّتوا كلمتهم , وأفسدوا عليّ جماعتهم . ووثبوا على شيعتي فقتلوا طائفة منهم غدراً , وطائفة عضّوا على أسيافهم فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين "[14]
ومن ثم استنكر عليّ بشدّة قيام طلحة والزبير باستغلال زوجة الرسول(ص) لأغراضهما السياسية ولتفريق المسلين وإحداث الفتنة:
 " .. فخرجوا يجرّون حُرمة رسول الله(ص) كما تجرّ الأمَة عند شرائها, متوجّهين بها الى البصرة. فحَبَسا نساءهما في بيوتهما, وأبرزا حبيسَ رسول الله(ص) لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجلٌ الاّ وقد أعطاني الطّاعة وسمح لي بالبيعة طائعاً غير مكرَه .
فقدموا على عاملي بها وخزّان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها . فقتلوا طائفة صبراً, وطائفة غدرا ... "[15]
وأعاد التأكيد لقواته على شرعية وأخلاقية موقفه فخطب قائلاً:
"... والله ما أنكروا عليّ شيئاً منكراً, ولا استأثرتُ بمالٍ, ولا مِلتُ بهوىً.
وإنهم ليطلبون حقاً تركوه, ودماً سفكوه, ولقد ولوه دوني, وإن كنتُ شريكهم في الإنكار لما أنكروه, وما تبعة عثمان إلاّ عندهم.
وانهم لهم الفئة الباغية : بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأنوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي.
وإني لراضٍ بحجة الله عليهم, وعلمه فيهم.
وإني مع هذا لداعيهم ومعذرٌ إليهم فإن قبلوا فالتوبة مقبولة والحق أولى ما انصرف إليه.
وإن أبوا أعطيتهم حد السيف وكفى به شافياً من باطلٍ وناصراً
والله ان طلحة والزبير وعائشة ليعلمون اني على الحق وأنهم مبطلون "[16]

وأعطى علي توصياته لقواته وطلب منهم الالتزام بأخلاقيات القتال . قال البلاذري نقلاً عن ابي مخنف :
" وأمر عليّ أصحابه ألاّ يقاتلوا حتى يُبدأوا, وأن لا يُجهزوا على جريح, ولا يمثلوا , ولا يدخلوا داراً بغير اذن , ولا يشتموا أحداً , ولا يهيّجوا امرأة, ولا يأخذوا الاّ ما في عسكرهم"

التشكيل العسكري والتوزيع القبائلي[17]:

قال البلاذري في انساب الاشراف ان قيادة قوات علي كانت على النحو التالي :
على الميمنة : مالك الاشتر
على الميسرة : عمار بن ياسر[18]
على الرجال : ابو قتادة النعمان بن ربعي الانصاري[19]
وأعطى رايته لابنه محمد (بن الخنفية)
كان هذا الاطار العام للقوات , أما فعلياً فإن التشكيل العسكري كان يعتمد على التوزيع القبلي للقوات. فكل قبيلة كبيرة , أو عدة قبائل بينها قرابة أو تجمعها رابطة الاصل المشترك, كانت تشكل ما يمكن تسميته بالكتيبة او الفرقة العسكرية , ويكون لها قائد ميداني من ابنائها. ولذلك كان جيش علي يتشكل من سبع فرق[20] :
همدان وحمير , بقيادة سعيد بن قيس الهمداني
مُذحج والأشعريون, بقيادة زياد بن النضر الحارثي
قيس عيلان وعبس وذبيان , بقيادة سعد بن مسعود الثقفي
كندة وحضرموت وقضاعة ومهرة , بقيادة حجر بن عدي الكندي
الأزد وبجيلة وخثعم وخزاعة , بقيادة مخنف بن سليم الازدي
بكر بن وائل وتغلب وسائر ربيعة , بقيادة محذوج الذهلي
طيء , بقيادة عدي بن حاتم
ويضاف الى هؤلاء المقاتلون من قريش والانصار واهل الحجاز وكان عليهم عبد الله بن عباس.

واما بشأن قيادة الفريق الآخر فقال البلاذري:
ان ميمنتهم كانت تتكون من قبيلة الأزد , بقيادة صبرة بن شيمان
وميسرتهم كانت تتكون من قبائل تميم وضبة والرباب , بقيادة هلال بن وكيع.
وتقول الروايات ان عبد الله بن الزبير كان له دور مهم في القتال , ويبدو انه كان يتولى القيادة العامة للقوات بالنيابة عن ابيه. وحسب التعبير القديم " لاث به اهل البصرة" أي لجأوا اليه لقيادتهم عند اشتداد المعركة.
وأعطى الدينوري في الاخبار الطوال المزيد من التفاصيل بشأن التشكيلة القبائلية لجيش عائشة :
قريش وكنانة , بقيادة عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد
خزاعة , بقيادة عبد الله بن خلف الخزاعي
قضاعة , بقيادة عبد الرحمن بن جابر الراسبي
قيس , بقيادة مجاشع بن مسعود
مذحج , بقيادة الربيع بن زياد الحارثي
ربيعة , بقيادة عبد الله بن مالك
واضاف ان الزبير وطلحة جعلا القيادة العامة للقوات على النحو التالي :
على الخيل : محمد بن طلحة , على الرجالة : عبد الله بن الزبير , واللواء الأعظم لعبد الله بن حرام بن خويلد

ورغم التداخل الواضح والتشابك القبلي بين الفريقين المتحاربين , ووجود ابناء من نفس القبيلة في الجهتين, إلاّ انه يمكن ملاحظة ان القبائل العربية توزعت بالشكل العريض التالي :
القبائل المُضرية ( عرب الحجاز ونجد) باجمالها انحازت الى صف عائشة
قبيلة ربيعة الكبرى (عرب شمال الجزيرة العربية) بعمومها انحازت الى عليّ وكانت العمود الفقري لقواته[21]
القبائل اليمانية انقسمت بين الفريقين.


الالتحام[22]

وتواجه الجيشان الشقيقان, في مكان يدعى " الجلحاء " قرب البصرة[23].
ومارست عائشة دور القائد الاعلى للقوات المتمردة على عليّ.
 وعندما دعاها عليّ " إن الله قد أمركِ أن تقري في بيتك فاتقي الله وارجعي. ويقول لطلحة والزبير : خبأتما نساءكما وأبرزتما زوجة رسول الله واستفززتماها"[24] ردّت عليه عائشة بخطبة حماسية ألقتها في قواتها قبيل المعركة:
 " وأتي بالجمل فأبرز وعليه عائشة في هودجها وقد ألبسَت درعاً, وضُربَت على هودجها صفائح الحديد... فخطبت عائشة الناس فقالت : إنا كنا نقمنا على عثمان رحمه الله ضرب السيوط وإمرة بني أمية وموقع السحابة المحماة. وإنكم استعتبتموه فأعتبكم من ذلك كله. فلما مُصتموه كما يُماص الثوب الرحيض , عدوتم عليه فركبتم منه الفقر الثلاث: سفك الدم الحرام في البلد الحرام في الشهر الحرام. وأيم الله لقد كان من أحصنكم فرجاً وأتقاكم لله"[25]

وعمار بن ياسر كان له دور في التعبئة لصالح علي. يقول المسعودي في مروج الذهب:
" ثم قام عمار بن ياسر بين الصفين فقال : ايها الناس ما انصفتم نبيكم حين كففتم عقائلكم في الخدور وابرزتم عقيلته للسيوف !
وعائشة على جمل في هودج من دفوف الخشب قد ألبسوه المسوح وجلود البقر وجعلوا دونه اللبود, وقد غشي على ذلك بالدروع.
فدنا عمار من موضعها فنادى : الى ماذا تدعين ؟
قالت : الى الطلب بدم عثمان
قال: قاتل الله في هذا اليوم الباغي والطالب بغير الحق ,,,"

بقي الجيشان متواجهين لثلاثة ايام دون قتال. كانت خلالها المراسلات والمجادلات دائرة بين الطرفين , ولكن لما لم تسفر عن اي حل كان لا بد من نهاية للموقف: القتال. وكانت بداية ذلك عندما تعرض رجل من أتباع علي للرمي بسهم وقتل بينما كان بين الصفين رافعاً المصحف. [26]  فأذن علي عندها لأتباعه بالقتال وقال " الآن طاب الضراب". وكان ذلك يوم العاشر من جمادي الآخر سنة 36 للهجرة[27].

وبدأ القتل , وسالت الدماء.
" ثم إن علياً أمَرَ ابنه , محمد بن الحنفية. فقال : تقدم برايتك. وكان معه الراية العظمى, فتقدمَ بها وقد لاث أهل البصرة بعبد الله بن الزبير وقلدوه الأمر.
فتقدمَ محمدٌ بالراية فاستقبله أهل البصرة بالقنا والسيوف. فوقف بالراية فتناولها منه عليّ رضي الله عنه, وحَمَلَ وحَمَلَ معه الناسُ. ثم ناولها ابنه محمدا .
 واشتد القتال وحميت الحرب"
ويذكر المؤرخون قصصاً ملحمية عن القتال بين بني العمومة من جيشي الكوفة والبصرة. فالقبائل العربية بشكل عام كان ابناؤها موزعين على الطرفين كما ذكرنا , ولذلك كان يمنُ الكوفة يقاتلون يمن البصرة ! وربيعة البصرة تواجه ربيعة الكوفة, وكذلك مضر ,,, وهكذا.
وفي الروايات التاريخية الكثير من الشعر الملحمي الذي يظهر بطولات المحاربين وتضحياتهم , والاهازيج والأراجيز التي كانوا يرددونها لتشجيع انفسهم على القتال , ومنها مثلاً :
" نحن بنو ضبّة لا نفرُ  ***  حتى نرى جماجماً تخرُ  ***  صبراً فما يصبر الاّ الحرُ [28] "
واستمر القتال الضاري من الظهر الى غروب الشمس.
قال ابن الاثير في الكامل ان احد المشاركين في المعركة وصف ضراوة القتال كما يلي " لما كان يوم الجمل ترامينا بالنبل حتى فنيت, وتطاعنا بالرماح حتى تكسرت وتشبكت في صدورنا وصدورهم حتى لو سُيّرت عليها الخيلُ لسارت"
واستعر القتل في صفوف الطرفين الى درجة ان بعض العقلاء من الطرفين اخذوا يصيحون في المقاتلين " طرّفوا , طرّفوا " أي لا تضربوا بسيوفكم الرؤوس والأعناق بل اضربوا الايدي والارجل , حفاظاً على الأرواح. يقول ابن الاثير في الكامل " فما رؤي وقعة كانت أعظم منها قبلها ولا بعدها ولا أكثر ذراعاً مقطوعة ولا رجلاً مقطوعة".
وبالاضافة الى المقاتلين العاديين بدأ تساقط قيادات الجيشين قتلى في المواجهة. فقتل صبرة بن شيمان وهلال بن وكيع قائدا جيش عائشة , وقتل قبلهما كعب بن سور وهو من اهم زعماء الأزد وحامل رايتهم. كما قتل محمد بن طلحة بن عبيد الله .
ومن جيش علي قتل زيد بن صوحان (من عبد القيس) وعلباء بن الهيثم السدوسي(من ربيعة) وثمامة بن المثنى بن حارثة الشيباني ومحنف بن سليم الازدي[29] و هند بن عمرو بن جدارة (من مراد اليمن). وهذا الاخير كان يرتجز حين قتل :
" أضربهم جهدي بحد المنصل  ***  والموت دون الجمل المجلل  ***  إن تحملوا قدما عليّ أحمل "
واما زيد بن صوحان فقال وهو يلفظ انفاسه الاخيرة " لا تغسلوا عني دماً ولا تنزعوا عني ثوباً, وانزعوا الخفين وارمسوني في الارض رمسا فإني محاجّ أحاجّ "[30]

ووصل الامر الى حد الالتحام الجسدي المباشر بين اثنين من اهم قيادات الجيشين . قال البلاذري عن ابي مخنف " واقتتل مالك الاشتر وعبد الله بن الزبير. فاخلتفا ضربتين ثم تعانقا حتى خرّا الى الارض يعتركان. فحجز بينهما أصحابهما. وكان عبد الله بن الزبير يقول حين اعتنقا : اقتلوني ومالكا. وكان الاشتر يقول : اقتلوني وعبد الله.
فيقال : ان ابن الزبير لو قال : اقتلوني والاشتر , وان الاشتر لو قال : اقتلوني وابن الزبير , لقتلا جميعا.,,,
وقيل لعائشة : هذا الاشتر يعارك عبد الله فقالت : واثكل اسماء! ووهبت لمن بشرها بسلامته مالاً "

وشيئا فشيئا بدأت الكفة تميل لمصلحة جيش عليّ. وبدأت قوات عائشة تتضعضع وتنهار

"وانكشف الناس عن الجمل,,,, وثبتت الأزد وضبة. فقاتلوا قتالاً شديدا......"


سقوطُ الجَمَلِ الرّمز[31]

مع استعار حمّى القتال تحوّل جمل عائشة إلى رمزٍ لقوات أهل البصرة. فمهما سقط من قتلى في صفوفهم, كان البقية يرون الجمل الأحمر منتصباً , وبداخل هَودَجهِ أم المؤمنين تستثيرهم وتناشدهم الصمودَ, فيثوبون إليه ويأبون الاستسلام. كانوا يتحلقون حول الجمل ويدافعون عنه بكل حميّةٍ وحماس. كان الفوج تلو الفوج من أهل البصرة يسقطون صرعى وهم يمسكون بخطام الجمل مستبسلين في حمايته " فقتل يومئذٍ سبعون رجلاً, كلهم يأخذ بخطام الجمل".
وقدّمَ ابن أبي الحديد وصفاً ملحمياً لأبناء قبيلتي الأزد وضبة, وهم ملتفون حول الجمل ويردّدون رِجزاً جماعياً و" كانوا حول الجمل يحامون عنه, ولقد كانت الرؤوس تندُرُ عن الكواهل, والأيدي تطيحُ عن المعاصم, وأقتابُ البطن تندلقُ من الأجواف, وهم حول الجمل كالجراد الثابتة لا تتحلحل ولا تتزلزل..."[32]
ورغم أن المعركة أخذت تميل بشدة لمصلحة عليّ وقواته , ورغم الانهيار الذي حصل في صفوف قوات طلحة والزبير, إلاّ أن علياً استنتج أنه ما دام ذلك الجمل قائماً فلن يتوقف المدافعون عن القتال حتى يُبادوا عن آخرهم. فأمَرَ عليّ قواته بالتركيز على إسقاط ذلك الجمل بأي وسيلة. وبالفعل انهمرت السهام على جمل عائشة وهودجها[33]:
" وكثرت النبل في الهودج حتى صار كالقنفذ. وكان الجمل مجففاً والهودج مطبق بصفائح الحديد
وصَبَرَ الفريقان بعضُهم لبعض, حتى كثرت القتلى وثار القتام, وطلت الألوية والرايات.
وحَمَلَ عليّ بنفسه وقاتلَ حتى انثنى سيفه.
وخرج فارس أهل البصرة عمرو بن الأشرف, لا يخرج إليه أحَدٌ من أصحاب عليّ إلاّ قتله, وهو يرتجز ويقول :
يا أمنا يا خيرَ أمّ نعلمُ                     والأمّ تغذو ولدها وترحمُ
ألا ترينَ كم جـوادٍ يُكـلمُ                    وتـختلي هامـته والمـعـصمُ
....... ولما رأى عليّ لوثَ أهل البصرة بالجمل, وأنهم كلما كشفوا عنه عادوا فلاثوا به, قال لعمار وسعيد بن قيس وقيس بن سعد بن عبادة والأشتر وابن بديل ومحمد بن أبي بكر وأشباههم من حماة أصحابه : إن هؤلاء لا يزالون يقاتلون ما دام هذا الجمل نصب أعينهم, ولو قد عُقِر فسقط لم تثبت لهم ثابتة.
فقصدوا بذوي الجد من أصحابه قصد الجمل حتى كشفوا أهل البصرة عنه. وأفضى إليه رجلٌ من مُراد الكوفة يقال له : أعين بن ضبيعة, فكشف عرقوبه بالسيف, فسقط وله رغاءٌ فغرقَ في القتلى. ومالَ الهودجُ بعائشة"[34]

وقال راوي ابن الاثير " ونادى عليّ : اعقروا الجمل , فإنه إن عُقر تفرقوا . فضربه رجلٌ فسقط , فما سمعت صوتاً قط أشد من عجيج الجمل"[35]
وفعلاً فإن سقوط الجمل كان إيذاناً بانتهاء المعركة, واستسلام قوات عائشة. وسرعان ما تفرق المدافعون عنها يمينا وشمالاً بعدما تيقنوا من الهزيمة.
وذهب عليّ بنفسه الى الهودج المنهار ليرى ماذا حل بأم المؤمنين " فقال علي لمحمد بن ابي بكر : أدخل رأسك وانظر أحيّة هي؟ وهل أصابها شيئ؟ ففعل, ثم أخرج رأسه وقال : خموش في عضدها , أو قال في جسدها"[36]
فخاطبها عليّ " يا حُميراء , رسول الله أمرك بهذا ؟! ألم يأمرك أن تقرّي في بيتك؟ والله ما انصفك الذين اخرجوك إذ صانوا عقائلهم وأبرزوك"[37]
وفي رواية أخرى ان عليا قال لها " استفززتِ الناسَ وقد فزوا حتى قتل بعضهم بعضاً بتأليبك. فقالت : يا ابن ابي طالب : ملكتَ فاسجح"[38]


نتائج القتال[39]

وأسفرت المعركة عن مقتل الصحابيين الكبيرين طلحة بن عبيد الله , ومعه ابنه محمد, والزبير بن العوام. وسوف نأتي بالتفصيل في الفصول التالية لما ذكرته المصادر التاريخية من روايات حول كيفية مقتل الرجلين[40].
ولكن بشأن العدد الاجمالي للقتلى يوم الجمل, ذكر خليفة أنه سقط في المعركة عشرون ألفاً حسب رواية, وسبعة آلآف حسب أخرى! وورد في تاريخ الطبري أن عدد قتلى المعركة كان عشرة آلاف : نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة. ووردت تقديرات أخرى للحصيلة الإجمالية لقتلى حرب الجمل[41]  : حسب تاريخ اليعقوبي نيفاً و ثلاثون ألفا. وحسب الطبقات الكبرى لابن سعد كان عدد القتلى ثلاثة عشر ألفاً. والبلاذري يروي عن ابي مخنف ان قتلى اهل البصرة كانوا 20 ألفاً. وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء " وبلغت القتلى ثلاث عشر الفا ". وذكر المسعودي أن عدد القتلى الإجمالي كان أربعة عشر ألفاً , منهم ألفٌ من أصحاب عليّ! وفي المصدر الشيعي " كشف الغمة " يذكر ابن ابي الفتح الاربلي ان جيش عائشة وأهل البصرة كان ثلاثين ألفا, قتل منهم 16,790 رجلا , وان جيش علي كان عشرين ألفاً , قتل منهم 1,070 رجلا!

وطبعاً لا يمكن الوثوق بدقة هذه الارقام , وخاصة تلك التي تتحدث عن 20 أو 30 ألف قتيل[42]. إلاّ انه من المؤكد ان الرقم كان كبيراً  , ربما سبعة أو عشرة آلاف ضحية. 
ورغم أن النسبة الكبرى من قتلى يوم الجمل كانت من ابناء القبائل العربية المستوطنة في البصرة, إلاّ أنّ قبيلة قريش خسرت عدداً من أبنائها الذين خاضوا المعركة, موحّدين ضد عليّ بن أبي طالب. وقد عدد خليفة[43] أسماء 30 قتيلا من كل بطون قريش الذين سقطوا صرعى.


عليّ يتسامح مع المهزومين[44]

وطبّق عليّ سياسة التسامح تجاه أعدائه المهزومين : " ثم نادى منادي عليّ : ألا لا يُجهز على جريح, ولا يتبع مُوَلٍ, ولا يُطعن في وجه مُدبر. ومَن ألقى السلاحَ فهو آمِن. ومَن أغلق بابه فهو آمِن. ثم آمَنَ الأسودَ والأحمرَ"[45]
واكتفى علي بمصادرة السلاح الذي قاتل به اعداؤه وتوزيعه على قواته.[46]

ويمكن ملاحظة معالم المدرسة النبوية في سياسة التسامح التي اتبعها عليّ تجاه أعدائه المهزومين. فهو قد طبّق نفسَ سياسة رسول الله(ص) يوم فتح مكة تجاه ألدّ أعدائه, فأعرضَ عنهم ولم ينتقم منهم. فرغم كُرهِهِ الشديد لمروان بن الحكم, إلى درجة أنه رفض قبول بيعته حين أحضروه مستسلماً: " .. لا حاجة لي في بيعته. إنها كفّ يهودية. لو بايعني بكفّه لغَدَر بسبّته ..."[47]  إلاّ أنه أطلقه ولم يحبسه.
وعفا عن ألدّ خصومه وأعدائه الذين قادوا التحرك ضده. يقول المؤرخون ان كلاً من عبدالله بن الزبير ومروان بن الحكم وعبد الله بن عامر كانوا قد اختبؤوا في بيت لأحد أزد البصرة بعد الهزيمة , فعلم عليّ مكانهم ولكنه لم يفعل شيئاً ضدهم بل أعطاهم الامان وتركهم. وكذلك أمّن الوليد بن عقبة بن ابي معيط وابناء عثمان بن عفان وبقية بني امية.[48]
ولذلك انا استبعد تماماً أن يكون عليّ قد خاطب اهل البصرة بعد المعركة بكلامٍ مليئ بالاهانات والتشفي كالذي يرويه المسعودي في مروج الذهب:
" يا اهل السبخة , يا اهل المؤتفكة ,,,, يا جُند المرأة , يا أتباع البهيمة, رغا فأجبتم وعُقر فانهزمتم! أخلاقكم رقاق, وأعمالكم نفاق , ودينكم زيغٌ وشقاق و وماؤكم أجاجٌ وزعاق"[49]
وجهز عليٌ موكباً كبيراً وحملَ عليه عائشة وأرسلها إلى المدينة المنورة , يقودها أخوها محمد بن أبي بكر :
" ثم جهّز علي عائشة بكل ما ينبغي لها من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك , وبعث معها كل من نجا ممن خرج معها الّا من أحب المقام, واختار لها اربعين امرأة من نساء البصرة المعروفات, وسيّر معها أخاها محمد بن ابي بكر ,,, "[50]

ورغم كل ما أحدثوه من إفساد, فانّ علياً ما كان راغباً بأن يرى خصومَه قتلى. وشعر بالأسى والحزن على المصير الذي آلَ إليه رفاقه القدامى من أصحاب محمد(ص). فقال حينما رأى طلحة صريعاً على أرض المعركة:
 " لقد أصبح أبو محمد بهذا المكان غريباً. أماً والله لقد كنتُ أكره أن تكون قريشٌ قتلى تحت بطون الكواكب .. "[51]

الفصل السادس : نقاش مع الروايات

هل رجع الزبير عن القتال ؟؟[52]

تذكر الروايات أن الزبير بن العوام قد انسحب من المعركة في اللحظات الأخيرة, وذلك عندما اجتمع معه عليّ بن أبي طالب , وهما بين الصفين, وذكّره بأن رسول لله (ص) قد قال له يوماً : لتقاتلنّه وأنتَ له ظالم!
وبعضها يقول أنه أرادَ الرجوعَ لما عرف أن عمار بن ياسر موجودٌ في جيش عليّ[53], لأن الرسول (ص) قال عنه : تقتله الفئة الباغية!

وهذه رواية ابن عبد البر في الاستيعاب التي تلخص الواقعة :
" ثم شهد الزبير الجمل , فقاتل فيه ساعة , فناداه علي وانفرد به , فذكّره ان النبي(ص) قال له – وقد وجدهما يضحكان بعضهما الى بعض – ( أما انك ستقاتلُ علياً وأنت له ظالم). فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال"
وفي رواية اليعقوبي ان الزبير قد فوجئ بكلام علي وأجاب "اللهم اني ما ذكرتُ هذا الاّ هذه الساعة"
وفي رواية لابن عساكر ان الزبير أجاب علياً لما ذكره بالحديث " ذكّرتني ما قد نسيتُ ,,, فولّى راجعاً "
بل ان رواية ابن قتيبة تضيف بُعداً درامياً على لقاء عليّ والزبير ,,, عناق وأحضان وبكاء !
" خرج عليّ على بغلة رسول الله الشهباء بين الصفين, وهو حاسر. فقال : اين الزبير؟ فخرج اليه, حتى اذا كانا بين الصفين اعتنق كل واحد منهما صاحبه وبكيا. ثم قال علي: يا (ابا) عبد الله ما جاء بك ها هنا؟
 قال : جئت اطلب دم عثمان.
 قال علي: تطلب دم عثمان, قتل الله من قتل عثمان! أنشدك الله يا زبير: هل تعلم أنك مررتَ بي وأنت مع رسول الله(ص) وهو متكئ على يدك, فسلم عليّ رسول الله(ص) وضحك إليّ, ثم التفتَ إليك فقال لك : يا زبير إنك تقاتل عليا وأنت له ظالم؟
قال : اللهم نعم!
قال علي: فعلام تقاتلني؟
قال الزبير : نسيتها والله. ولو ذكرتها ما خرجت اليك ولا قاتلتك"
وتضيف الروايات ان الزبير لما رجع وأراد الانصراف اتهمه ابنه عبد الله بالجُبن وطالبه بالاستمرار .
 روى ابو حنيفة الدينوري في الاخبار الطوال " واقبل الزبير حتى دنا من ابنه عبد الله وبيده الراية العظمى فقال ( يا بني ,  انا منصرف! ) قال ( وكيفَ يا أبتِ ؟) قال ( ما لي في هذا الأمر من بصيرة. وقد أذكرني عليٌ أمراً قد كنتُ غفلتُ عنه, فانصرف يا بني معي) فقال عبد الله ( والله لا ارجع أو يحكم الله بيننا) .
فتركه ومضى نحو البصرة ليتحمل منها ويمضي نحو الحجاز"
وقال اليعقوبي في تاريخه " ,,,, وثنى عنان فرسه لينصرف .
فقال له عبد الله : الى أين؟
 قال : ذكرني علي كلاماً قاله رسول الله.
 قال : كلا! ولكنك رأيتَ سيوف بني هاشم حداداً تحملها شداد.
قال : ويلك! ومثلي يعيّر بالجبن؟ هلم اليّ الرمح. وأخذ الرمح وحمل على أصحاب علي.
فقال علي: أفرجوا للشيخ , انه محرج!
فشق الميمنة والميسرة والقلب ثم رجع فقال لابنه : لا أم لك! أيفعل هذا جبان ؟ وانصرف" [54]

وبالاضافة الى من ذكرناهم فإن رواية رجوع الزبير عن القتال لما ذكّره علي بكلام النبي (ص) موجودة لدى البلاذري[55] و  الذهبي[56]  وتاريخ الطبري [57] وكتاب الفتوح لابن اعثم.
ومن أهل الحديث توجد هذه الرواية لدى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين في روايتين عن قيس بن ابي حازم وعن ابي حرب بن ابي الاسود الديلي [58].
والمصادر الشيعية تتفق مع هذه الرواية بشأن الزبير بن العوام . فمثلا روى ابن ابي الفتح الاربلي في كشف الغمة أن عليا قال للزبير وهما على فرسيهما بين الصفين " أنشدك الله الذي لا إله إلاّ هو الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد(ص) اما تذكر يوما قال لك رسول الله(ص) : يا زبير أتحبّ عليا؟ فقلتَ : وما يمنعني من حبه وهو ابن خالي. فقال لك : أما انك ستخرج عليه يوما وأنت له ظالم!"

والحقيقة انه لا يمكن تصديق هذه الروايات – رغم كثرتها. بل هي على الأرجح غير صحيحة او محرفة , لأنها ببساطة خارجة عن سياق الأحداث. فهي أقرب ما تكون مفتلعة ومقحمة على مجريات الأمور. والأكيد أن سبب تكرارها في عدة مصادر هو أن لكل صاحب هوى هدف منها:
فبعض الرواة كان يهدف إلى تبييض صفحة طلحة والزبير ومحاولة تبرئتهما من مسؤولية المعركة والقتلى , عن طريق القول بأنهما قد عرفا الحق وأرادا أن يتراجعا عن موقفهما , ولكن الأمور خرجت من أيديهما . وبالتالي يكون المسؤول عن الكارثة  هم غيرهم من الذين أصروا على القتال من عامة الناس! أو حتى "السبئيون" كما تذهب روايات سيف بن عمر!
وأما البعض الآخر من الرواة, فهدفهم كان إبراز صحّة موقف الإمام عليّ , وأن الشيخين قد اعترفا بذلك وأرادا التراجعَ , وبالأخص الزبير[59].

وهذه آراءٌ سقيمة, وتحليلٌ هزيل لمجرى سير الأحداث.  لأن الزبير كان يعرف منذ البدء أن عماراً هو مع عليّ , فذلك أمرٌ مشهور , يعرفه الناس حتى في الأقاليم البعيدة , فلا يصحّ أنه يتفاجئ بذلك.  ولا يمكن للزبير أن يكون "ناسياً" لحديث رسول الله (ص) له بشأن عليّ , وهو الذي كان منخرطاً في التجهيز لحربه على مدى شهور طويلة. لو كان حديث الرسول (ص) للزبير يتعلّق بمسألة فقهية بسيطة أو بشخص لا علاقة له بأحداث الصراع الدامي ضد عليّ بالذات, لكان يمكن أن يكون غائباً عن ذهن الزبير إلى أن ذكّره به عليّ وهما بين الصفّين. ولكن أن يكون الزبير ناسياً لحديث بهذه الدرجة من المباشرة والصراحة , فذاك المستحيل.

وتبدو الروايات التي تقول ان سبب رجوع الزبير عن القتال هو " اكتشافه " ان عمار بن ياسر موجود في صفوف علي أكثر ركاكة وضعفاً . وهذه إحداها : يقول البلاذري[60] والطبري ان الزبير لما تأكد من وجود عمار مع عليّ أخذ يقول كالمنتحب " يا جدع أنفاه , يا قطع ظهراه " ثم بدأ يرتعد حتى سقط منه سلاحه !
بل ان ابن سعد في الطبقات الكبرى أضاف سبباً جديداً أدى لانسحاب الزبير : تذكيره بصلة القربى مع عليّ ! فقد روى عن عكرمة أن ابن عباس " أتى الزبيرَ فقال : أين صفية بنت عبد المطلب حيث تقاتل بسيفك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب؟! فرجع الزبير ,,,". فالسبب إذن هو تذكير ابن عباس له بأمه صفيه (عمة علي).

وبعد هذا التحليل كله , يبقى السؤال : هل انسحب الزبير من الميدان ؟
لا يمكن الجزم بشان ذلك . ولكن الارجح أنه بالفعل قرر الانسحاب من ميدان المعركة, ولكن ذلك حصل بعد أن استعرت الحرب , ولا علاقة له باقتناعه بكلام قاله له عليّ أو بعمار بن ياسر. فربما رأى الزبير العدد الكبير من الضحايا المسلمين الذين يسقطون من الجانبين فقرر التوقف لعله يهدّئ الوضع , أو لعله انسحب بفعل ظروف القتال وخاصة أن جماعته قد هُزموا, فقتل أثناء ذلك كما سيأتي.



روايات مقتل الزبير[61]

وتقول الروايات أن الزبير عندما انسحب, لحق به عمرو بن جرموز التميمي حتى قتله وهو يصلّي! وذلك لأنه "أتى بحرمة رسول الله يسوقها, فهتكَ عنها حجابَ رسول الله,  وسترَ حرمته. ثم أسلمها وانصرف".
ولا بد طبعاً من الاثارة في الروايات, فلا يجوز ان يمضي قتل الزبير هكذا , وكأنه احد ضحايا المعركة (الكثر) بل يفضل الحديث عن تآمرٍ لقتله , ويكون من المثير لو تم الزج باسم شخص مشهور في الأمر.
وهذا ما كان.
فروايات ابن سعد في الطبقات الكبرى حول مقتل الزبير فيها شبه اجماع ان الذي قام مباشرة بقتل الزبير بن العوام هو عمرو بن جرموز التميمي. ومعظم الروايات تنسب للأحنف بن قيس , زعيم قبيلة تميم, دورا في التحريض على قتل الزبير لأنه اعتبره مسؤولا عن الدماء التي سالت في حرب الجمل وبالتالي ليس من العدل بعد ذلك كله أن ينصرف إلى أهله بكل سلام ,
 ففي رواية أبي خالد الوالبي ان الأحنف قال لما رأى الزبير على فرسه  ( هذا الذي كان يفسد بين الناس) فلحقه ( رجلان ممن كان معه) وقتلاه.
 وفي رواية جون بن قتادة أن الاحنف أمر عمرو بن جرموز ورجلا آخر أن يلحقا بالزبير ( فأتياه فأكبا عليه ... ثم جاء عمرو بن جرموز بعد ذلك الى الاحنف فقال : ادركته في وادي السباع فقتلته).
وفي رواية أخرى (قالوا) أن الأحنف قال لقومه " ما أصنع؟ وما تأمروني؟ إن كان الزبير لف بين غارين من المسلمين فقتل أحدهما الآخر ثم هو يريد اللحاق باهله"[62]. فلحق الزبيرَ ثلاثة رجال من بني تميم وهم : عمير بن جرموز وفضالة بن حابس و نفيع (أو نفيل) بن حابس . فوصله عمير بن جرموز أولا واشتبك معه فتغلب الزبير عليه فرجاه أن يعفو عنه ففعل. ولكنه عاود الهجوم لما وصل رفيقاه فقتلوه.
وفي رواية الدينوري في الاخبار الطوال "ان الزبير لما انصرف من المعركة مر بالاحنف بن قيس – وهو معتزل الامر – فسأل الأخير قومه ( هل فيكم من يأتينا بخبره ؟) فانتدب عمرو بن جرموز نفسه لذلك"
وروى اليعقوبي في تاريخه ان الزبير لما انصرف من المعركة" فاجتاز بالاحنف بن قيس. فقال :  ما رأيتُ مثل هذا , أتى بحرمة رسول الله يسوقها , فيهتك عنها حجاب رسول الله , وستر حرمته في بيته , ثم أسلمها وانصرف ! ألا رجلٌ يأخذ لله منه؟!
فاتبعه عمرو بن جرموز التميمي , فقتله بموضع يقال له وادي السباع"
ويروي ابن عساكر في تاريخ دمشق نقلا عن ابن سعد ان الاحنف بن قيس نادى عمرو بن جرموز ومعه فارسان آخرىن "فناجاهما ساعة" ثم انصرفوا فلحقوا بالزبير حتى عاد ابن جرموز برأسه للأحنف "فكان قرة بن الحارث يقول: والذي نفسي بيده ان صاحب الزبير الأحنف"

ولكن هذا الكلام الكثير في روايات ابن سعد والدينوري واليعقوبي وابن عساكر حول دور الأحنف بن قيس في التشجيع على قتل الزبير يتناقض حتى مع ما رواه  ابن سعد ذاته في موضع آخر من الطبقات الكبرى من أن الاحنف كان صديقا مقربا لمصعب بن الزبير وأنه توفي أثناء ولايته على الكوفة من قبل أخيه, فشوهد مصعب يسير في جنازته "بغير رداء"! فكيف يكون الاحنف حبيبا إلى قلب مصعب وهو المتهم بالتحريض على قتل أبيه؟! إلاّ إذا كان مصعب غافلاً عن أمر كهذا! 
كما أن الأحنف كان ممن اعتزلوا القتال يوم الجمل هو ومعظم قومه, وبالتالي لم يكن خصماً مباشراً لأي من الطرفين المتصارعين ولم تكن بينه وبين الزبير أية خصومة مباشرة أو ثارات حتى يأمر بقتله.
ولم يكتفِ الرواة بالاثارة فيما يتعلق بدور الاحنف في مقتل الزبير بل انتقلوا الى تفاصيل "درامية" في طريقة مقتله. فكما ان تفاصيل روايات مقتل الخليفة عثمان تحدثت عن قراءته القرآن ساعة قتل وكيف "سال الدم على المصحف" وتوقفت قطرة الدم عند قوله تعالى "فسيكفيكهم الله" , فإن تفاصيل مقتل الزبير تحدثت عن مقتله وهو ساجدٌ أثناء أداء الصلاة!
يقول الدينوري في الاخبار الطوال " وقام الزبير في الصلاة. فلما سجد حمل عليه عمرو (بن جرموز) بالسيف فضربه حتى قتله"

وكذلك لا بد من الحديث عن شجاعة الزبير . في رواية ابن سعد (قالوا) "فلحق الزبيرَ ثلاثة رجال من بني تميم وهم : عمير بن جرموز وفضالة بن حابس و نفيع (أو نفيل) بن حابس .
 فوصله عمير بن جرموز أولا واشتبك معه فتغلب الزبير عليه فرجاه أن يعفو عنه ففعل.
ولكنه عاود الهجوم لما وصل رفيقاه فقتلوه"
وفي رواية لابن عبد البر في الاستيعاب يظهر الزبير شجاعاً غير هياب :
",,, ثم اتبعه (ابن جرموز) فلما لحق بالزبير , ورأى الزبيرُ أنه يريده أقبل عليه فقال له ابن جرموز : أذكرك الله! فكف عنه الزبير , حتى فعل ذلك مراراً فقال الزبير : قاتله الله ! يذكرنا الله وينساه.
 ثم غافله ابن جرموز فقتله "

ولكن روايات الشجاعة هذه تقابلها غيرها تتحدث عن قبول الزبير إجارة رجلٍ من بني تميم لحمايته !
قال ابن سعد في الطبقات الكبرى في روايةٍ (قالوا) أن الزبير بعد القتال انطلق يريد الرجوع إلى المدينة ( فلقيه رجل من بني تميم يقال له : النعر بن زمام المجاشعي بسفوان فقال له : يا حواري رسول الله إليّ إليّ ! فأنت في ذمتي لا يصل إليك أحد من الناس فأقبل معه)[63] .
وفي رواية أخرى للحسن : يعيب فيها على الزبير طلبَه الحماية من المجاشعي ( عجباً للزبير! أخذ بحقوي أعرابي من بني مجاشع : أجرني أجرني حتى قتل) .
وهذه الصورة للزبير تتناقض مع الرواية السابقة التي يظهر فيها شجاعا يتغلب على ابن جرموز ثم يكف عنه!

ولعل أفضل رواية تتعلق بمقتل الزبير هي ما أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين مختصراً : فعن ابن شهاب " ولى الزبير يوم الجمل منهزما, فأدركه ابن جرموز, رجل من بني تميم , فقتله"


ردة فعل عليّ على مقتل الزبير[64]

تبالغ الروايات كثيراً في وصف مدى الألم والحسرة التي أظهرها عليّ بسبب مقتل الزبير بن العوام.
فبعضها تتحدث عن انخراطه – هو وآله وأصحابه- في بكاء شديد:
أتاه ابن جرموز برأس[65] الزبير وسيفه " فأخذه علي وقال : سيفٌ والله طال ما جلا به عن وجه رسول الله (ص) الكرب ولكن الحين ومصارع السوء.... وجلس علي يبكي عليه هو وأصحابه"[66]
وبعضها يقول ان علياً قد صبّ جام غضبه على قاتله فجفاه وبشره بنيران جهنم :
" ثم أتى (ابن جرموز) علياً فقال :قولوا لأمير المؤمنين قاتلُ الزبير بالباب .
فقال : بشروا قاتل ابن صفية بالنار!
,,, ثم أقبل علي وولده يبكون , فقال ابن جرموز : ظننت أني قتلت له عدوا, ولم أظن اني قتلت له وليا حميما"[67]
بل ان ابن حبان في كتاب الثقات يقول ان صدمة ابن جرموز بردة فعل عليّ وكلامه علي كانت كبيرة الى حد انه أقدم على الانتحار ! "فقال ابن جرموز : إن قاتلنا معكم فنحن في النار, وإن قاتلناكم فنحن في النار! ثم بعج بطنه بسيفه فقتل نفسه".
ووصل الامر ببعض الروايات أن جعلت البشرى بالنار لقاتل الزبير حديثاً ونبوءة لرسول الله (ص) وليس فقط من لدن علي!
 " وقتل ابن جرموز الزبير ثم أتى عليا يخبره . فقال علي: سمعتُ رسول الله(ص) يقول: قاتل ابن صفية بالنار"[68]
وابن عساكر أخرج في تاريخ دمشق عددا كبيراً من الروايات بها صيغ مختلفة لتبشير علي لقاتل الزبير بالنار وتحسّره على الزبير الذي "طالما جلا سيفه الكربَ عن وجه رسول الله". ومعظم هذه الروايات هي عن الزبير بن بكار (وهو حفيدٌ للزبير بن العوام).
وليس من المستبعد أن يكون عليٌ قد عبر عن حزنه وأسفه لهذه النهاية لابن عمته ورفيقه في صحبة رسول الله(ص) . بل ان ذلك مرجح وينسجم مع أخلاق علي وسيرته. ولكن الأرجح ان يكون ذلك الجزء الذي يتحدث عن بشارة عليّ لقاتل الزبير بالنار من اضافات الرواة الذين أرادوا أن يحافظوا على فكرة العشرة المبشرين بالجنة والذين من ضمنهم الزبير.
فعليّ كان يعرف ان هذه حرب كبيرة , وانه هو شخصياً بذل مجهودا هائلاً لاستقطاب اهل الكوفة ودفعهم الى القتال في صفوفه ضد خصومه. والحروب لها ضحاياها دائماً وليس من الانصاف ان يذهب رجل قاتل تحت راية علي الى جهنم لأنه أدى واجبه في حرب مفتوحة. كلامٌ كهذا من شأنه أن يزعزع ثقة اتباع علي بأنفسهم.

هل قتل مروانُ طلحة بن عبيد الله ؟![69]
 تقول الروايات أن مروان بن الحكم رمى طلحة بسهم  أثناء المعركة فقتله! وأن ذلك كان ثأراً من مروان لدم عثمان الذي يحمّله لطلحة!
ويكاد يوجد اجماعٌ بين المؤرخين على ذلك الى درجة ان العلامة ابن عبد البر في الاستيعاب, وبعد أن ذكر عدة روايات عن قيس بن ابي حازم , والجارود, وابن سيرين وغيرهم كلها تفيد بأن مروان بن الحكم رمى طلحة بسهم فقتله , ثأراً لعثمان , قال " ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ, وكان في حزبه
وتلخص رواية ابن عساكر في تاريخ دمشق حادثة مقتل طلحة . فيقول ان مروان بن الحكم " لما رأى انكشافَ الناس نظر الى طلحة بن عبيد الله واقفاً فقال : والله ان دم عثمان إلاّ عند هذا . هو كان أشد الناس عليه وما أطلب أثراً بعد عين .
 ففوّق له بسهمٍ فرماهُ به فقتله"[70]
وأكد ذلك المعنى ايضا ابن اعثم في كتاب الفتوح حيث ورد فيه ان مروان قال لغلامه "والله اني لأعلم انه ما حرّض على قتل عثمان يوم الدار أحدٌ كتحريض طلحة, ولا قتله سواه!" قبل أن يرميه بسهم مسموم.
بل ان البلاذري في انساب الاشراف يقول ان مروان بعد ان أصاب طلحة بسهمه التفت الى ابان بن عثمان بن عفان وقال له " قد كفيتك احد قتلة أبيك"!
والمصدر القديم , ابن سعد , استرسل في الحديث عن هذا الموضوع , وأخرج في طبقاته مجموعة روايات تفيد أن مروان قتل طلحة عن عدة اشخاص وطرق اسناد : عوف, ونافع, وابن سيرين, وشيخٍ من كلب, وقيس بن أبي حازم,,,, بعضها تقول ان السهم أصابه في( ساقه), أو ( ركبته) أو (فرجةٍ في درعه), وأنه كان (واقفاً إلى جنب عائشة) أو (في الخيل) أو (لما جال الناس). 

وقد وجدتُ رواية قتل مروان لطلحة هذه في المصادر التالية : تاريخ اليعقوبي[71] , والاخبار الطوال للدينوري[72], وكتاب الثقات لابن حبان, وفتح الباري لابن حجر العسقلاني[73], والمستدرك على الصحيحين للحاكم[74], وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد[75] وتاريخ خليفة بن خياط[76] وسير اعلام النبلاء للذهبي, بالاضافة الى الذين ذكرناهم اعلاه.

ورغم وفرة هذه الروايات وتكرارها في العديد من المصادر إلاّ اني أشك في صحتها شكاً كبيراً , بل وأعتقد ببطلانها وبكونها ملفقة لأهداف ومآرب في نفوس رواتها.
 وأرى ان هناك هدفين من ورائها : الأول هو تلطيخ سمعة مروان بن الحكم والاساءة له عن طريق إظهاره بمظهر القاتل الغادر. والثاني هو إبراز مسؤولية طلحة في التحريض على عثمان, وبالتالي إظهاره ككذابٍ ادّعى الطلب بدم عثمان وهو قاتله!
والقول ان طلحة مسؤول عن التحريض على عثمان والتشجيع على قتله غير صحيح , بل هو كذب وادعاء مصدره أناسٌ أرادوا تشويه موقف طلحة . وقد ناقشنا في الجزء الاول من هذه السلسلة ( أخبار الفتنة الكبرى - عهد عثمان بن عفان ) هذا الامر بالتفصيل وبينا ان أقصى ما صدر من طلحة تجاه عثمان لا يزيد عن عتبٍ ولوم , أو غضبٍ عابرٍ بسبب بعض سياسات الخليفة عثمان.
وأما سمعة مروان بن الحكم ومواقفه, فهي ليست بحاجة إلى المزيد من التلطيخ! فهي ملوثة بما فيه الكفاية. وإن في سيرته قبل حرب الجمل وبعدها من المثالب والعيوب , ما يُغني كارهيه عن الحاجة إلى تحميله مسؤولية قتل طلحة وإضافتها إلى سجلّه. إذ لا يمكن تصوّر أن مروان يقتل قائد الجموع المعادية لعليّ في المعركة.
 ألم يكن مروان يدرك أن قتل طلحة يمكن أن يؤدي إلى انهيار في جبهته, التي هو جزءٌ أساسيّ منها؟ أم هل إن مروان يريد النصرَ لعليّ؟ وإن كان حقاً أنّ مروان يعتبر طلحة قاتلاً لعثمان, فلماذا ينتظر إلى احتدام القتال ضدّ عليّ حتى يقتله؟ ولِمَ لم يقتله قبل ذلك, في مكة مثلا؟

وبالاضافة الى هذا التحليل المنطقي فإن هناك من الروايات – وهي القلة – ما يدعم وجهة نظرنا بنفي مسؤولية مروان عن قتل طلحة.
ومنها رواية عن قتادة في الطبقات الكبرى لابن سعد تقول ( رمي طلحة فأعنق فرسه, فركض فمات في بني تميم. فقال بالله مصرع شيخ أضيع). وبناء على هذه الرواية ليس هناك ما يمنع أن يكون طلحة قد سقط عن فرسه أثناء هزيمته من المعركة فمات .
وايضاً : روى ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة عن ابي مخنف :
 " عن جندب بن عبد الله قال : مررتُ بطلحة وان معه عصابة يقاتل بهم, وقد فشت فيهم الجراح, وكثرهم الناس . فرأيته جريحا والسيف في يده, وأصحابه يتصدعون عنه رجلا فرجلا, واثنين فاثنين, وأنا أسمعه وهو يقول: عباد الله , الصبر الصبر, فإن بعد الصبر النصر والأجر.
فقلت له : النجاء النجاء , ثكلتك أمك! فوالله ما أجرت وما نصرت ولكنك وزرت وخسرت.
ثم صحت بأصحابه, فانذعروا عنه, ولو شئتُ أن أطعنه لطعنته. فقلت له : أما والله لو شئت لجدلتك في هذا الصعيد . فقال : والله لهلكت هلاك الدنيا والآخرة اذن!
فقلت له : والله لقد أمسيتَ وإن دمك لحلال , وإنك لمن النادمين.
فانصرف ومعه ثلاثة نفر. وما أدري كيف كان أمره , إلاّ أعلم أنه قد هلك"
وهذه الرواية يمكن قبولها . ففيها يظهر كيف دارت الدائرة على طلحة وهو في المعركة وكيف بدأ أصحابه يفرون عنه لما رأوا الهزيمة. والراوي هنا لم يشر الى مروان بن الحكم من قريب ولا بعيد واكتفى بالقول انه لا يعلم ما جرى لطلحة بعد انصرافه وهو جريح . فربما يكون طلحة مات من أثر الجراح.
وفي رواية عن المدائني قال " لما أدبر طلحة وهو جريح يرتاد مكانا ينزله, جعل يقول لمن يمر به من أصحاب علي عليه السلام: أنا طلحة , من يجيرني؟ يكررها"
وهذه ايضا لا تشير لمروان.
كما ان هناك رواية لخليفة بن خياط في تاريخه تجعل السهم الذي أصاب طلحة مجهول المصدر " رُمي طلحة يوم الجمل بسهم في ركبته فكانوا اذا أمسكوها انتفخت واذا أرسلوها نبعت. فقال : دعوها فإنه سهمٌ أرسله الله"

فإذا لم يكن مروان هو من قتل طلحة , فكيف مات اذن ؟ والجواب : انها كانت حرباً كبيرة ومعركة طاحنة تتطاير فيها السهام والرماح ويتعارك الفرسان والراجلون ويختلط الحابل بالنابل. فلا عجب أن يكون طلحة قد خرّ صريعاً إثر طعنةٍ أو رمية قوسٍ , خاصة وأن جماعته قد هزموا شر هزيمة.

روايات ندم عائشة[77]

روى البلاذري في انساب الاشراف من طريق بكر بن الهيثم ان عائشة كانت تقول " ما انا وطلحة والزبير وبيعة من بويع وحرب من حورب. يا ليتني قررت في بيتي. ولكنها بلية جاءت بمقدار" . وايضا روى من طريق هشام الكلبي  انها قالت عن يوم الجمل" وددتُ اني متّ قبله بكذا وكذا عاماً ". وروى ايضاً عن جميع بن عمير انها قالت بشأن خروجها " والله لوددت اني افتديت ذلك المسير بما عرض من شيء. ولكنه قدر". وايضا روى عن الدورقي " قالت عائشة : والله لأن أكون جلست عن مسيري أحب اليّ من ان يكون لي عشرة بنين من رسول الله(ص) " . ورى عن الاعمش " حدثني من سمع عائشة تقرأ (وقرن في بيوتكن) فتبكي حتى تبلّ خمارها"
وروى المسعودي في مروج الذهب ان عائشة لما وصلت المدينة قالت " وددتُ اني لم أخرج وإن أصابتني كيت وكيت من أمور ذكرتها (شاقة). وانما قيل لي : تخرجين فتصلحين بين الناس, فكان ما كان"
وروى ابن اعثم الكوفي " فكانت عائشة اذا ذكرت يوم الجمل تبكي لذلك بكاء شديدا ثم تقول : يا ليتني لم اشهد ذلك المشهد! يا ليتني مت قبل هذا بعشرين سنة "

وانا لا أستبعد أن تكون عائشة قد شعرت بالندم على النتيجة التي آلت اليها الأمور , وخاصة في أعقاب المعركة مباشرة ومقتل الزبير وطلحة والآلاف من المسلمين, وعبرت عن ذلك بقولها " وددت اني لم أخرج" . ولكني أرجح ان هذا الشعور بالندم مرتبط بنتائج القتال وما جرى لأصحابها الذين قاتلوا معها أكثر من كونه ندماً على مبدأ خروجها على الامام علي ومعارضتها له. فهي قد عاشت طويلاً بعد حرب الجمل , أكثر من عشرين سنة, وكانت خلالها تعيش في حالة من الوفاق مع معاوية ونظام حكمه ولم يصدر عنها كلامٌ تعترف فيه بصحة وشرعية خلافة علي بن ابي طالب ولا بأنه كان على حق في مواقفه من اهل الجمل.[78]


خزعبلات سيف بن عمر : رواية المؤآمرة اليهودية[79]

من أهم روايات سيف بن عمر التي أوردها الطبري في تاريخه, هي تلك التي تتعلق بابن سبأ وتتحدث عن دوره المزعوم في تطورات معركة الجمل.
فقد ذكر سيف أنه أثناء المداولات التي سبقت المعركة سأل الأعور بن بنان المنقري علياً :
" فقال : أترى لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم إن كانوا ارادوا الله عز وجل بذلك؟
قال : نعم ..."
وذكر أيضا أن علياً ألقى خطبة جاء فيها ( عن مقتل عثمان ):
... ثم حدثَ هذا الحدث الذي جرّه على هذه الأمة أقوامٌ طلبوا هذه الدنيا. حَسَدوا من أفاءها الله عليه على الفضيلة. وأرادوا ردّ الأشياء على أدبارها...
ألا وإني راحلٌ غدا فارتحلوا. ألا ولا يرتحلن غداً أحدٌ أعانَ على عثمان رضي الله عنه بشيء من أمور الناس"
وقال سيف إن الفريقين المتحاربين اتفقا على الصلح فيما بينهما وتجنب القتال " وأشرفَ القوم على الصلح , كره ذلك مَن كرهَهُ ورضَيهُ مَن رضَيه " , وذلك بعد وساطة من القعقاع بن عمرو
" فباتوا على الصلح , وباتوا بليلة لم يبيتوا بمثلها للعافية من الذي أشرفوا عليه, والنزوع عما اشتهى الذين اشتهوا وركبوا ما ركبوا. وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشرّ ليلةٍ قط. قد أشرفوا على الهلكة"
ثم بدأ سيفٌ يتحدث عن الأشرار المتآمرين الذين يتزعمهم عبد الله بن سبأ, وكيف عقدوا اجتماعاً تشاورياً ليحددوا خطواتهم المقبلة :
" فاجتمع نفرٌ منهم علباء بن الهيثم, وعدي بن حاتم, وسالم بن ثعلبة العبسي, وشريح بن أوفى بن ضبيعة, والأشتر, في عدةٍ ممن سارَ إلى عثمان, ورضي بسير مَن سار. وجاء معهم المصريون ابن السوداء وخالد بن ملجم.
وتشاوروا . فقالوا : ما الرأي؟ وهذا والله عليّ وهو أبصر الناس بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان...
فقال الأشتر : أما طلحة والزبير فقد عرفنا أمرهما . وأما عليّ فلم نعرف أمره حتى كان اليوم. ورأيُ الناس فينا والله واحد.  وإن يصطلحوا وعليّ فعلى دمائنا.
فهلمّوا فلنتواثب على عليّ فنلحقه بعثمان. فتعود فتنة يُرضى فيها مِنا بالسكون.
فقال عبد الله بن السوداء : بئسَ الرأي رأيتَ....
وقال علباء بن الهيثم : انصرفوا بنا عنهم ودعوهم....وارجعوا فتعلقوا ببلدٍ من البلدان ....
فقال ابن السوداء : بئسَ ما رأيتَ.....
فقال عدي بن حاتم : فإنّ لنا عتاداً من خيول وسلاحاً محمودا. فإن أقدمتم أقدمنا, وإن أمسكتم أحجمنا.
فقال ابن السوداء : أحسنتَ.
وقال سالم بن ثعلبة : .... والله لئن لقيتهم غداً لا أرجع إلى بيتي .... وأحلف بالله إنكم لتفرقون السيفَ فَرَقَ قوم لا تصير أمورهم إلاّ إلى السيف.
فقال ابن السوداء : قد قال قولاً.
وقال شريح بن أوفى : أبرموا أموركم قبل أن تخرجوا. ولا تؤخروا أمراً ينبغي لكم تعجيله, ولا تعجلوا امراً ينبغي لكم تاخيره. فإنا عند الناس بشرّ المنازل. فلا أدري ما الناس صانعون غدا إذا ما هم التقوا.
وتكلم ابن السوداء فقال : يا قوم إن عزّكم في خلطة الناس فصانعوهم. وإذا التقى الناس غداً فأنشبوا القتال ولا تفرغوهم للنظر . فإذا مَن أنتم معه لا يجد بداً من أن يمتنع. ويشغل الله علياً وطلحة والزبير ومَن رأى رأيهم عما تكرهون.
فأبصَروا الرأيَ وتفرقوا عليه والناس لا يشعرون"
ثم يقول سيف إن " المتآمرين " شرعوا في تنفيذ خطتهم
" ... اجتمعوا على إنشاب الحرب في السر. واستسرّوا بذلك خشية أن يفطن بما حاولوا من الشر.
فغدوا مع الغلس وما يشعر بهم جيرانهم. انسلّوا إلى ذلك الأمر انسلالاً وعليهم ظلمة.
فخرج مُضَريهم إلى مُضَريهم, وربيعهم إلى ربيعهم, ويمانيهم إلى يمانيهم, فوضعوا فيهم السلاح.
فثار أهل البصرة . وثار كل قوم في وجوه أصحابهم الذين بهتوهم"

وهكذا إذن صوّر سيف بن عمر موضوع حرب الجمل. وهكذا أوردها الطبري دون أن يشير إلى التناقضات الهائلة فيها, والتي لا تخفى على مثله.
-         فلا يمكن أبداً تخيّل الأشتر وهو يقترح قتل علي بن أبي طالب.
-         وعلي بن أبي طالب لا يمكن ان يقرّ بشرعية الخارجين عليه ويعترف بشرعية طلبهم بدم عثمان. فهو لم يقر بذلك الحق حتى لمعاوية, ابن عم عثمان, فكيف يقر به لعائشة والزبير وطلحة؟
-         وليس هناك ذكرٌ لتفاصيل وشروط ذلك الصلح المزعوم. فعلى ماذا اتفق الطرفان؟ ليس هناك أي إشارة إلى قبول ام المؤمنين والصحابيّيْن بخلافة عليّ. وعليّ يستحيل أن يقبل بغير ذلك.
-         كيف يمكن أن يكون الثوار المصريون الذين شاركوا في قتل عثمان موجودين في البصرة؟ هم عادوا إلى مصر بعد الأحداث.
-         ليس صحيحاً على الإطلاق أن يكون تقييم عليّ  لمن تمرّدوا على عثمان بأنهم قومٌ " طلبوا هذه الدنيا وحسدوا من أفاءها الله عليه ".
-         فعلى العكس من ذلك , كان عليّ يعتبر عثماناً ورجاله من بني أمية هم الذين طلبوا هذه الدنيا واستأثروا على المسلمين.
-         ومتى كان عدي بن حاتم الطائي من المتهمين بقتل عثمان؟

ومما يلفت النظر برواية سيف هذه , تلك الأجواء التآمرية, التي تظهر عبد الله بن سبأ وهو يدير النقاش , ويستمع للآراء , ويقيّمها ويعلّق عليها, يرفض هذا الرأي ويصوّب غيره, إلى أن يصدر أمره الجازم بإنشاب القتال , فتقوم " قواته " بالتنفيذ على الفور.

وهدف سيف بن عمر , ومعه الإمام الطبري, من حبكاته هذه واضحٌ وجليّ : تبرئة الصحابة, وبالتحديد الذين تمردوا على عليّ فأشعبلوا حرب الجمل, من تهمة سفك دماء المسلمين والإفساد في الأرض وزرع الفتنة وشق صفوف الأمة.
وليس من سبيل لذلك سوى اللجوء لشخصية اليهودي الأسطوري الخبيث عبد الله بن سبأ ( ابن السوداء ). 

ولا عجب أن تكون هذا الرواية الاسطورية المؤآمراتيّة هي المحببة والمفضلة لدى المذهب السني الرسمي بشأن موضوع الفتنة الكبرى ومعركة الجمل , حتى لو كانت ضعيفة ومهلهلة وانفرد بها راوٍ واحدٍ كذاب.



الفصل السابع :آثار حرب الجمل

أثر المعركة على أهل البصرة[80]

وقد تركت معركة الجمل آثاراً بعيدة المدى على المعسكر العراقي. لقد كانت مقتلة داخلية بين العراقيين من أبناء القبائل العربية في البصرة والكوفة. وعلى الرغم من أن علياً خرج منها منتصراً, إلاّ أنه كان انتصاراً مُرّا, مليئا بالدماء ويحمل بذور شقاق فظيعة. كان انتصارا لعليّ على جزء مهم من أنصاره وجنوده!
 لقد عانت بعض قبائل البصرة خسائر فادحة في القتلى من أبنائها , مما ولّد بلا شك شعوراً بالحقد والمرارة تجاه كل ما جرى.
روى المسعودي في مروج الذهب " وقيل لأبي لبيد الجهضمي من الأزد : أتحب عليا ؟
قال : وكيف أحب رجلاً قتل من قومي في بعض يوم الفين وخمسمائة , وقتل من الناس حتى لم يكن أحد يعزي أحداً , واشتغل اهل كل بيت بمن لهم ؟ "
ولا عجب في قول ابي لبيد الجهضمي هذا . فقبيلته تكبدت خسائر مهولة  يوم الجمل: يؤكد المؤرخون ان قبيلة الأزد – ذات الأصل اليماني – قتل من رجالها ما بين 2000 الى 2500 [81]! وهذا رقم مرعب فعلاً
وكذلك بنو ضبة الذين يقول المؤرخون انهم خسروا ما بين 800 الى 1100 رجلاً[82]
وقيس خسرت 500 من رجالها[83]
وقبيلة تميم 500[84]
وبكر بن وائل ايضا خسرت 500 من رجالها[85]

وطبعاً لا يمكن الوثوق تماما بدقة هذه الارقام , ولكن من المؤكد أن هناك قبائل كاملة قد حلّت بها كوارث رهيبة. روى المسعودي في مروج الذهب ان نسوة أهل البصرة لما رأين علياً في أعقاب المعركة صِحْن في وجهه " يا قاتل الأحبة "!



أثر حرب الجمل على مستقبل الصراع

وبالرغم من شعور المرارة والنقمة الذي ملأ صدور الكثيرين من أهل العراق بسبب حجم الخسائر بينهم, إلاّ أنه كان لحرب الجمل نتيجة مباشرة : وهي إظهار مدى حزم عليّ فيما يتعلق بموضوع شرعيته , وإظهار عزمه الأكيد على السير في الطريق إلى النهاية من أجل تثبيت حكمه والقضاء على الخارجين عليه.
 رأى أهل العراق أن الخليفة الجديد لم يتردد لحظة في مواجهة أم المؤمنين ومعها اثنين من الصحابة الكبار, وأن حرص الخليفة على حقن الدماء لم يمنعه من القتال في سبيل قضيته. وبعد حرب الجمل, حزم المترددون أمرهم[86], وزال الشعور باللايقين الذي ميّز الأشهر التي سبقت المعركة. فها هو عليّ بينهم بنفسه ليقودهم , وبدا لكل العراقيين أن المستقبل مع عليّ, فانقادوا له وقرروا المضيّ معه وخلفه. وسوف يستمر هذا الإيمان الجماعي بحتمية انتصار عليّ والشرعية إلى أن يبدأ بالتهاوي في أعقاب معركة صفين.

وأرسلت حرب الجمل رسالة أخرى إلى كل أنصار النظام القديم في العراق , ممن كانوا مرتبطين بحكم عثمان وولاته وإدارته , بأنّ زمانهم قد مضى وأنّ لا مجال أمامهم سوى الخضوع لسلطان عليّ . لقد تحطمت الروح المعنوية لهؤلاء, وفقدوا ثقتهم بقدرتهم على تحدّي عليّ,  إلى درجة دفعت أحد أركان حكم عثمان الرئيسيين, عبد الله بن عامر بن كريز, إلى فقدان الأمل في القدرة على حرب عليّ في المستقبل, وبالتالي قرر الهروب بجلده إلى الشام دون أن يأتي معاوية لينضم إلى صفوفه, خوفاً من يوم آخر كالجمل! روى صاحب الإمامة والسياسة أن
 " عبد الله بن عامر لحق بالشام, ولم يأتِ معاوية, وخاف يوماً كيوم الجمل.
 فبعث إليه معاوية أن يأتيه وألحّ عليه.
 فكتب ابن عامر : أما بعد, فإني أخبرك أني أقحمتُ طلحة والزبير إلى البصرة, وأنا أقول : إذا رأى الناس أم المؤمنين مالوا إليها. وإن فرّ الناسُ لم يفرّ الزبير, وإن غدر الناس لم يغدر مروان. فغضبت عائشة ورجع الزبير وقتل مروان طلحة. وذهب مالي بما فيه, والناس أشباه واليوم كأمس. فإن أتبعتني هواي وإلاّ أرتحل عنك والسلام"[87].
 وسوف يبذل معاوية جهداً في رفع معنويات ابن عامر واقناعه بالقدرة على مواصلة الصراع ضد عليّ حتى انضمّ إلى صفوفه. ولم يغِب عن ذهن معاوية تذكير ابن عامر أنه لن يرى يوماً هنيئا واحدا في ظل عليّ, الذي لا شك لن ينساه!
وقد كان معاوية وجماعته مدركين لحجم المصيبة التي حلّت بأهل العراق نتيجة حرب الجمل. فخطب عمرو بن العاص في أهل الشام, لما بلغهم مسير عليّ والعراقيين يريدون دخول الشام, لكي يهوّن عليهم الأمر ويرفع من معنوياتهم:
 " إن صناديد الكوفة والبصرة قد تفانوا يوم الجمل, ولم يبقَ مع عليّ إلاّ شرذمة قليلة من الناس,,,,"[88]

وعلى الرغم من أن علياً نجح في تجاوز الشعور بالمرارة عند العراقيين عن طريق سياسته المتسامحة تجاه المهزومين وسرعة ضمهم إلى صفوف جيشه, إلاّ أن ذلك الشعور كان يطفو بين مناسبة وأخرى ويتمثل في نوع من التقاعس والتخاذل عن الاستجابة إلى مناشدات عليّ المتكررة للعراقيين, وبالذات في مرحلة ما بعد صفين. وقد روى الطبري أنه عندما سعى عليّ إلى معاودة الهجوم على أهل الشام في أعقاب معركة صفين ومؤتمر التحكيم, لم ينجح واليه على البصرة عبد الله بن عباس في حشد سوى 3200 مقاتل من أهل البصرة , في مقابل 65 ألفاً حشدهم علي من أهل الكوفة!

ووفرت نتائج حرب الجمل ذخيرة دعائية مهمة لمعاوية. ولم يتوانَ عن البدء بالمتاجرة بدماء الزبير وطلحة وإهانة أم المؤمنين على يد عليّ! جاء في إحدى رسائله لعليّ :
" ... ثم ما كان منكَ بعدما كان, من قتلكَ شيخيّ المسلمين أبي محمد طلحة وأبي عبد الله الزبير , وهما من الموعودين بالجنة, والمبشرُ قاتلُ أحدهما بالنار في الآخرة . هذا إلى تشريدكَ  بأم المؤمنين عائشة وإحلالها محل الهون, متبذلة بين أيدي العراب وفَسَقة أهل الكوفة. فمن بين مشهّرٍ لها , وبين شامتٍ بها , وبين ساخرٍ منها ..."[89]


المسؤولية التاريخية

ولا بد من التعرض للمسؤولية التاريخية عما جرى يوم الجمل. فلا يمكن تجاهل ما حصل لأن الخسائر كانت فادحة, وقد نتج عن تلك الحرب أعداد هائلة من الأيتام والأرامل والثكالى والمشرّدين والمحطّمين , ونتج عنها خراب ودمار في البلاد والعباد. وقد ولّدت تلك الحرب أحقاداً لا تندثر بين الناس. كانت معركة الجمل أول حربٍ أهلية في الإسلام, وفيها شَهَرَ العرب المسلمون سيوفهم على بعضهم البعض, بعد أن كانوا لا يشهرونها إلاّ على أعدائهم من الأعاجم من أبناء الأمم الأخرى.
ولأن الأشخاص المعنيين بهذه الفتنة لهمٌ ثِقلٌ كبير في المعايير الإسلامية, فقد برز اتجاهٌ قوي , تولى الترويج له كثيرٌ من المنظّرين المتعاطفين مع الحكام والسلاطين على مرّ العصور, يميل إلى التهوين من شأن ما حصل , بل ويدعو إلى النهي عن "الخوض"  في هذه المسائل! والسبب هو تلك الصورة التي روّجوا لها عن أبطال ذلك الصراع : "المبشّرين بالجنة", الزّهاد في الدنيا, أصحاب الورع  والعدول جميعاً. ولذلك كان صعباً على هؤلاء تفسير ما أحدثته أم المؤمنين عائشة والصحابيين الكبيرين طلحة والزبير من فعل يمكن وصفه بالإفساد في الأرض وزرع أسس الشقاق في أمة محمد(ص). ومثالٌ على ذلك الاتجاه ما قاله ابن العربي[90] عن عائشة وما فعلته يوم الجمل بأنها " كانت مجتهدة, مصيبة, مثابة فيما تأولت , مأجورة فيما فعلت. إذ كل مجتهدٍ في الأحكام مصيب". فكأن هذا الاتجاه يريد أن يقول أن كل ما جرى هو عبارة عن "خطأ فقهي", لا أكثر ولا أقل!

فهل يمكن افتراض البراءة وحُسن النية في تصرّف عائشة والزبير وطلحة؟
لا يمكن اعتبار خروجهم على الإمام عليّ محاولة بريئة للإصلاح . بل كان له هدفٌ جوهري : القضاء على خلافة عليّ, من أجل الاستمرار في مسلسل تداول الخلافة بين بطون قبيلة قريش حسب نظام عمر بن الخطاب, مع استثناء الفرع الهاشمي منها - وبالتحديد عليّ – تماماً.
وهم كانوا يدركون أن هذا مشروعٌ عالٍ وهدف كبيرٌ جداً, وأنه لن يتمَ دون حربٍ وقتال , وكانوا مستعدَين للتضحية بكل شيئ في سبيل ذلك الهدف الكبير. فهم حين قرروا الخروج كانوا ينوون شنّ الحرب وكانوا يتوقعون سقوط خسائر من طرفهم, كما في كل الحروب, ولكنهم رأوا ذلك ثمناً لا بد من دفعه في سبيل قضيتهم الكبيرة. فمثلاً روى الطبري أن عبد الله بن الزبير, أثناء الاستعدادات للمسير إلى البصرة, قد طلبَ من أخويه الشقيقين البقاء في مكة وعدم الخروج فقال " يا عروة : أقِم! ويا منذر : أقِم" . ولما سأله أبوه عن سبب طلبه ذاك أجابه " ... ولا تعرّض أسماءَ للثكلِ من بين نسائك"[91]

من المؤكد أن عائشة والزبير وطلحة كانوا يمتلكون من الخبرة السياسية ما يكفي لكي يجعلهم مُدركين بأنهم بتمرّدهم ذاك يهددون مؤسسة الخلافة ذاتها. هم كانوا يعرفون ذلك ولكنهم رأوا أن استعادة مبدأ تداول الخلافة بين البطون القرشية بقيادة المهاجرين تستحق هذه التضحية والمغامرة. هم كانوا يرون أن علياً كان يقوم بإلغاء وسحق ذلك المبدأ, الناجح والصحيح بنظرهم, وأنه في طريقه أخيراً إلى تأسيس حكم هاشميّ يجمع بين مَجدَي النبوّة والخلافة, وسوف يُبعِد قريشاً ويهمّشها. وذلك بنظرهم مُضِرٌ ولا يجوز.

 وربما كانت عائشة تشعر بنوعٍ من المسؤولية تجاه " أبنائها " وبأنّ عليها واجباً في رعايتهم وتوجيههم إلى ما تراه خيراً لدين محمد(ص) ودولته من بعده. وربما يكون هناك شعورٌ مشابهٌ لدى الزبير وطلحة, كونهما صحابيين كبيرين, تجاه عامة المسلمين في ضرورة التصدّي للإنحراف الخطير الذي يؤسس له عليّ.
ولكن إذا كان من الممكن أن يكون الثلاثة قد أقنعوا أنفسهم أنهم يقومون بما عليهم من واجبٍ ومسؤولية بحكم وضعهم في الإسلام, إلاّ أنه كان عليهم أن يدركوا أنهم كان يتم استغلالهم من قبل طبقة الطلقاء وأعضاء الجهاز الأموي الحاكم في جهدهم للحفاظ على مزاياهم ووضعهم في الدولة , عن طريق مواجهة الخليفة الجديد. كان الطلقاء والجهاز الأموي مستعدّين لخوض حرب وجودٍ لا هوادة فيها ضد عليّ, ولكنهم كانوا بحاجةٍ ماسّةٍ إلى واجهةٍ وغطاءٍ شرعيّ يستعملونه في تلك الحرب التي بدأوا يجهزون لها. ولذا التفّ هؤلاء حول عائشة والزبير وطلحة ووضعوهم في الصدارة ورفعوهم إلى الواجهة. لقد تولى هؤلاء التخطيط والتمويل والتنظيم لحركة الثلاثة, وكانوا عنصر تحفيزٍ شديدٍ لهم, لإعلان التمرّد. 
وقد قبل الثلاثة عن طيب خاطر تلك " المساعدات " التطوّعية الكبيرة التي قدمها الطلقاء والجهاز الأموي. ويبدو أن عائشة والزبير وطلحة قدّروا أن بإمكانهم إبقاء صراعهم مع عليّ ضمن نطاق طبقة كبار الصحابة من ذوي الشرعية. وربما ظنوا أن هزيمة عليّ من شأنها أن تعيد الخلافة تلقائياً إلى طبقة كبار المهاجرين القرشيين. ولكن تقديرهم كان خاطئاً, وظنهم كان وهماً. فقد كان الطلقاء والجهاز الأموي بلغوا في عهد عثمان من القوة حداً يجعلهم قادرين على فرض برنامجهم وسياستهم سواء رضي كبار الصحابة وأم المؤمنين أم لم يرضوا. لقد وصف معاوية بن أبي سفيان, قبل سنةٍ من هذه الأحداث, كبار الصحابة بأنهم " كالشامة السوداء في الثور الأبيض " معبراً عن وضعهم بين عامة المسلمين. وكان دقيقاً في وصفه ذاك. كان على أم المؤمنين والزبير وطلحة أن يدركوا أن هزيمة عليّ لن تؤدّي إلاّ إلى صعود نجم الطلقاء والجهاز الأموي. وذلك تماماً ما حصل في نهاية المطاف.  


عليٌ والثائرون

وفي المقابل , تجب الإشارة إلى أن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب لم يبعد نفسه بما فيه الكفاية عن أوساط الثائرين القادمين من الأمصار والذين كان قاتلوا عثمان من بينهم. لقد بَدا عليٌ قريباً جداً منهم , فلم يبعدهم عنه , وكانوا من الدائرة المحيطة به, وهذا ما مكّنَ خصومه الكثر من القول إنه متورّطٌ بقتل عثمان عن طريق الإيعاز بذلك إلى أتباعه هؤلاء . وعلى أقل تقدير إنه زعيم القتلة والغوغاء.
وبالتدقيق في سيرة الإمام علي, يمكن التأكيد على أنه لم يصدر عنه , طوال فترة حكمه, ما يشير إلى أي جديةٍ في اتخاذ أي خطواتٍ عقابية تجاه مجمل الثائرين على عثمان. فلم يقم بأي إجراءات عملية لمحاسبتهم .
روى السيوطي[92] أنه بعد بيعته" جاء علي الى امراة عثمان فقال لها : من قتل عثمان؟
 قالت : لا أدري! دخل رجلان لا أعرفهما , ومعهما محمد بن أبي بكر . وأخبرت علياً والناسَ بما صنع محمد .
فدعا عليٌ محمداً , فسأله عما ذكرت امرأة عثمان؟
 فقال محمد : لم تكذب. قد والله دخلتُ عليه وأنا أريد قتله , فذكرني أبي, فقمتُ عنه وانا تائبٌ الى الله تعالى. والله ما قتلته ولا أمسكته.
فقالت امرأته : صدق! ولكنه أدخلهما
فحسب هذه الرواية اكتفى عليٌ بجواب محمد , ولم يقم بسؤاله عن شركائه في الاقتحام , ولم يقم بأي بتحقيق جدي حول الأمر.

ويلاحظ أن علياً قام , عن علمٍ وإرادة, بتعيين عدد من الأشخاص المتهمين بقتل عثمان في مناصب مهمة في حكومته, واعتمد عليهم في إدارته. وكان الثائرون يرون في سياسة الخليفة عليّ تلك إقراراً منه لهم على تصرفاتهم .
روى ابن أبي الحديد[93] عن المدائني أن عليا كتب لأهل مصر لما أرسل الأشتر عليهم والياً " أما بعد.. فقد وجهتُ إليكم عبدا من عباد الله لا ينام في الخوف, ولا ينكل من الأعداء حذار الدوائر. أشدّ على الكافرين من حريق النار, وهو مالك بن الحارث الأشتر, أخو مذحج. فاسمعوا له وأطيعوا, فإنه سيف من سيوف الله, لا نابي الضريبة ولا كليل الحد. فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا , وإن أمركم أن تنفروا فانفروا, وإن أمركم أن تحجموا فاحجموا, فإنه لا يقدم ولا يحجم إلاّ بأمري. وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته وشدة شكيمته على عدوه.. "
وجديرة بالملاحظة تلك الأوصاف التي أطلقها علي على الأشتر والتي لا تصدر إلاّ عن رأي بالغ الإيجابية بحقه.

وهناك بعض الإشارات إلى أن علياً كانت لديه النية في إجراء نوع من المحاكمة للأشخاص الضالعين مباشرة بقتل عثمان, ولكن حسب الأصول الشرعية تماماً, وأولها أن يتقدم ذوو عثمان بطلبٍ له , بوصفه الخليفة المسؤول, بالقصاص من هؤلاء الذين قتلوا عثمان بدون قاضٍ ولا محكمة. وهذا ما لم يحصل. والمحكمة بنظر عليّ يجب أن تقوم على الأدلة والقرائن والشهود, وأن يتم تحديد كل متهم بذاته .

وظهر من عليّ ما يشير إلى تهوينه من موضوع قتل عثمان بجملته. فالأمر هامشيٌ بنظره وليس له الأولوية , ولا بأس بتأجيل النظر فيه إلى ما بعد أن تستتب أموره في الحكم.

ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أنه كان هناك ارتباط عاطفيّ وثيقٌ لمجمل الثائرين على عثمان بشخص عليّ بن أبي طالب. فمثلاً روى نصر بن مزاحم[94]  نصاً يعبّر فيه عمرو بن الحمق الخزاعي, وهو من المتهمين بقتل عثمان , عن أسباب ولائه لعليّ بأسلوب عاطفيّ أخّاذ . فقال له أثناء الاستعداد للسير إلى صفين" إني والله يا أمير المؤمنين ما أجَبتكَ ولا بايعتكَ على قرابةٍ بيني وبينك, ولا إرادة مال تؤتينيه, ولا التماس سلطان يُرفع ذكري به. ولكن أجبتك لخصال خمسٍ : أنك ابن عم رسول الله(ص) وأول مَن آمن به, وزوج سيدة نساء الأمة فاطمة بنت محمد(ص), وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله(ص), وأعظم رجل من المهاجرين سهماً في الجهاد. فلو أني كلفتُ نقلَ الجبال الرواسي, ونزحَ البحور الطوامي, حتى يأتي على يومي في أمرٍ أقوى به وليّكَ, وأوهن به عدوّك, ما رأيتُ أني قد أديتُ فيه كل الذي يحق عليّ من حقك"







[1]مصادر هذا البحث : انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص33-34). تاريخ الطبري( ج3 ص 513 – 516).
[2] وفي راوية البلاذري عن ابي مخنف : "ستة آلاف سيف – أو قال أربعة آلاف سيف "
[3] تاريخ الطبري.وفي راوية البلاذري عن ابي مخنف: "أتأمرنا أن نقعد عن ثقل رسول الله(ص) وحرمته؟! لا نفعل"
[4] مصادر هذا البحث : نهج البلاغة, بشرح محمد عبده, (ج1 ص62) و  (ج3 ص383) و(ج2 ص183و ص293 و ص222), انساب الأشراف للبلاذري (ج3 ص35-36 و ص49), تاريخ الطبري (ج3 ص514), الامامة والسياسة لابن قتيبة ( ج1 ص90 و ص91-95), كتاب الفتوح لابن اعثم (ج2 ص465-468), الاستيعاب لابن عبد البر (ص 260 )و اسد الغابة لابن الاثير ( ج3 ص61).
[5] نهج البلاغة, بشرح محمد عبده.
[6] نهج البلاغة, بشرح محمد عبده.
[7] في راوية البلاذري عن ابي مخنف . وفي رواية أخرى للبلاذري يقول علي لطلحة " خبّاتَ عرسك في خدرها وجئت بعرس رسول الله(ص) تقاتل بها "
[8] تاريخ الطبري .
[9] الامامة والسياسة لابن قتيبة . وفي راوية البلاذري عن ابي مخنف : " ان الله أمرك أن تقري في بيتك, فاتقِ الله وارجعي"
[10] كتاب الفتوح لابن اعثم .
[11] الامامة والسياسة لابن قتيبة . وكذلك : كتاب الفتوح لابن اعثم .
[12] نهج البلاغة , بشرح محمد عبده.
[13] كتاب الفتوح لابن اعثم .
[14] نهج البلاغة, بشرح محمد عبده.
[15] نهج البلاغة, بشرح محمد عبده.
[16] رواية ابن عبد البر في الاستيعاب نقلاً عن صالح بن كيسان , وعبد الملك بن نوفل, والشعبي, وابن ابي ليلى ,بمعنى واحد. وروى ابن الاثير في أسد الغابة مثلها ولكن مع حذف كلمتي "انهم الفئة الباغية" و " والله ان طلحة والزبير وعائشة ليعلمون اني على الحق وانهم مبطلون".
[17] مصادر هذا البحث : انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص32-35) , الاخبار الطوال للدينوري (ص146-147) و مروج الذهب للمسعودي (ج2 ص288).
[18] وانا أظن ان الامام علي أراد الاستفادة من القيمة المعنوية للصحابي العريق عمار بن ياسر , أكثر من رغبته في الاستفادة من كفاءته العسكرية. فعمار كان كبير السن الى حد أنه لا يمكن ان يكون مفيداً في قيادة قواتٍ في ميدان معركة.
[19] في رواية الدينوري ان الذي كان على الرجالة هو جندب بن زهير الازدي.
[20] هذه التقسيمات هي خلاصة ما رواه الدينوري في الاخبار الطوال والبلاذري في انساب الاشراف .
[21] وذكر المسعودي في مروج الذهب بيت شعر منسوب للامام علي يتحسر فيه على القتلى من قبيلة ربيعة :
يا لهف نفسي على ربيعة *** ربيعة السامعة المطيعة
[22] مصادر هذا البحث : كتاب الثقات لابن حبان (ج2 ص283), تاريخ خليفة بن خياط (ص135), الاخبار الطوال للدينوري (ص146), أنساب الأشراف للبلاذري (ج3 ص 36-37 و ص39-41) , مروج الذهب للمسعودي (ج2 ص282),الكامل في التاريخ لابن الاثير (ص422 و ص418)
[23] ذكر ذلك ابن حبان في كتاب الثقات,  وهو على بعد "فرسخين" من البصرة. واما خليفة بن خياط في تاريخه فيقول ان المعركة حصلت في "الزاوية , ناحية طف البصرة". واما الدينوري في الاخبار الطوال فيقول ان مكان المعركة اسمه "الخريبة" قرب البصرة.
[24] أنساب الأشراف للبلاذري
[25] أنساب الأشراف للبلاذري
[26] أنساب الأشراف للبلاذري .
[27] تاريخ خليفة بن خياط . واما  ابن حبان في كتاب الثقات فيذكر الخامس من جمادي الآخر.
[28]أنساب الأشراف للبلاذري .
[29] وهو جد الراوي المشهور ابو مخنف الذي يعتبر من أهم المصادر لأحداث الفتنة الكبرى, والذي روى عنه كبار المؤرخين الموسوعيين كالطبري والبلاذري.
[30] أنساب الأشراف للبلاذري
[31] مصادر هذا البحث : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج1 ص253), أنساب الأشراف للبلاذري (ج2 ص46) و(ج3 ص45-46) ,  الأخبار الطوال للدينوري ( ص150), الكامل في التاريخ لابن الاثير (ص420), مروج الذهب للمسعودي (ج2 ص286).
[32] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. وتندر : تقطع. والأقتاب : الأمعاء.
[33] وفي رواية للبلاذري وصف لشدة تساقط السهام على الهودج حتى صار كأنه " جناحُ نسر " ! 
[34] الأخبار الطوال للدينوري . وكذلك : انساب الاشراف للبلاذري .
[35] الكامل في التاريخ لابن الاثير .
[36] انساب الاشراف للبلاذري . وفي راوية مروج الذهب للمسعودي " فأدخل يده فقالت : من أنت ؟ قال : أقرب الناس منك قرابة وأبغضهم اليك! انا محمد أخوك. يقول لك امير المؤمنين هل اصابك شيئ؟ قالت : ما أصابني الاّ سهم لم يضرني"
[37] مروج الذهب للمسعودي .
[38] انساب الاشراف للبلاذري, عن الزهري.
[39] مصادر هذا البحث : تاريخ الطبري (ج3 ص543). والطبقات الكبرى لابن سعد (ج3 ص32). وتاريخ اليعقوبي (ج2 ص183), تاريخ خليفة بن خياط (ص140), انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص58), تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص210), كشف الغمة لابن ابي الفتح الاربلي (ج1 ص243), التنبيه والاشراف للمسعودي (ص256).
[40] يمكن على سبيل المثال مراجعة تاريخ اليعقوبي (ج1 ص183). وكذلك تاريخ خليفة بن خياط (ص138-139). وأيضا الامامة والسياسة لابن قتيبة (ج1 ص90-97 ) وكذلك المستدرك على الصحيحين للحاكم (ج3 ص370).
[41] تاريخ الطبري والطبقات الكبرى لابن سعد وتاريخ اليعقوبي .
[42] هناك رواية لدى البلاذري في انساب الاشراف عن محمد بن ابي يعقوب تنزل بعدد قتلى اهل البصرة الى 2500 رجلاً.
[43] تاريخ خليفة بن خياط .
[44] مصادر هذا البحث : تاريخ اليعقوبي (ج2 ص183). انساب الاشراف للبلاذري (ج3ص57), نهج البلاغة, بشرح محمد عبده (ج1 ص93 و ج2 ص293), مروج الذهب للمسعودي (ج2 ص284 و ص287), الكامل في التاريخ لابن الاثير  (ص421), كتاب الفتوح لابن اعثم (ج2 ص486).
[45] تاريخ اليعقوبي . وقريب من ذلك روى البلاذري في انساب الاشراف .
[46] انساب الاشراف للبلاذري
[47] نهج البلاغة, بشرح محمد عبده . وفي رواية البلاذري (انساب الاشراف) من طريق ابن سعد ان مروان أصر أن يبايع علياً الذي قبل ذلك ثم قال له " اذهب حيث شئت"
[48] مروج الذهب للمسعودي .
[49] ويلاحظ تشابه في الاسلوب , وحتى الكلمات , مع خطب زياد بن ابيه والحجاج بن يوسف !
[50]الكامل في التاريخ لابن الاثير  . والمؤرخون ذوو الميول الشيعية يذكرون المزيد عن المشاعر السلبية والكلمات الحادة المتبادلة بين عليّ وعائشة في اعقاب المعركة, ومن ذلك ما رواه ابن اعثم الكوفي ان عليا ارسل عبد اللله بن عباس الى عائشة فلامها بشدة على ما قامت به ثم قال لها " وبعد فهذا امير المؤمنين يأمرك بالارتحال الى المدينة فارتحلي ولا تعصي . فقالت عائشة : رحم الله أمير المؤمنين , ذاك عمر بن الخطاب ! فقال ابن عباس : وهذا والله امير المؤمنين وإن رغمت له الأنوف واربدّت له الوجوه! فقالت عائشة : أبيتُ ذلك عليكم يا ابن عباس "
[51] نهج البلاغة, بشرح محمد عبده. وفي رواية المسعودي في مروج الذهب انه قال لما رأى طلحة قتيلا" انا لله وانا اليه راجعون. والله لقد كنت كارهاً لهذا" 
[52] مصادر هذا البحث : الاستيعاب لابن عبد البر(ص 263), تاريخ اليعقوبي (ج2 ص182), تاريخ دمشق لابن عساكر ( ج 18 ص410-411), الامامة والسياسة لابن قتيبة (ج1 ص92), الاخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري (ص148), انساب الاشراف للبلاذري (ج3 : ص49 و ص51-53), وكتاب الفتوح لابن اعثم (ج2 ص470), وتاريخ الطبري (ج3 ص519 و  ص521), سير اعلام النبلاء للذهبي(ج1 ص58-59)  , الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (ج3 ص365-366), وابن ابي الفتح الاربلي في كشف الغمة (ج1 ص242), والطبقات الكبرى لابن سعد (ج3  ص110-112).
[53] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق ان الزبير أرسل رجلاً الى معسكر عليّ ليعرف ان كان عمار موجودا معهم أم لا , وأن هذا الرجل تأكد من وجود عمار عن طريق علامة في أذنه كان الزبير اخبره عنها . فلما رجع للزبير بالخبر ولّى منسحباً الى وادي السباع.
[54] ولم توضح هذه الرواية ماهية كلام الرسول الذي أشار له الزبير.
وفي رواية ابن قتيبة (الامامة والسياسة)  ان عائشة ايضاً اتهمت الزبير بالجبن "يا ابا عبد الله خقتَ سيوف بني عبد المطلب؟" فيأتيها ردّه الغريب " فقال : أما والله ان سيوف بني عبد المطلب طوال حداد يحملها فتية أنجاد"!
وذات الرواية فيها قول الزبير لابنه عبد الله ": عليك بحزبك. أما أنا فراجع الى بيتي. فقال له ابنه عبد الله : الان حين التقت حلقتا البطان, واجتمعت الفئتان؟ والله لا نغسل رؤوسنا منها! فقال الزبير لابنه : لا تعد هذا مني جبنا, فوالله ما فارقت أحدا في جاهلية ولا اسلام! قال : فما يردّك؟ قال : يردني ما إنْ علمتَه كسَرك!
فقام بأمر الناس عبد الله بن الزبير"
وظاهرٌ تماماَ مدى تهافت هذه الرواية , خاصة من نوعية جواب الزبير على اتهام عائشة له بالجبن , وكذلك من قول الزبير لابنه "ما إن علمته كسرك "! لماذا لم يقل له هذا الشيء الذي لو علمه لخمد وانكسر ؟!
[55] رواية معمر عن قتادة لدى البلاذري  يرد فيها الحديث النبوي كما يلي "أما ان ابن عمتك هذا سيبغي عليك ويريد قتالك ظالماً ". واما رواية الزهري عنده ففيها ان الزبير قال لابنه انه حلف ألا يقاتل علياً بعد ان ذكره بحديث النبي(ص) ولكن عبد الله أقنعه أن يكفر عن يمينه بعتق غلام , ففعل الزبير ذلك وعاد الى صفوفهم!
[56] سير اعلام النبلاء . والرواية فيه عن طريقين : الاسود بن قيس , و ابي جرو المازني. وفيها ان الزبير قال عن حديث النبي (ص)  " ولم أذكره إلاّ في موقفي هذا".
[57] (ج3 ص519) من رواية الزهري.
[58] ولكن الحاكم النيسابوري نفسه أخرج في المستدرك ايضا رواية أخرى عن ابن شهاب دون اشارة للحديث النبوي" ولى الزبير يوم الجمل منهزما, فأدركه ابن جرموز, رجل من بني تميم , فقتله"
[59] بل ان هناك رواية لدى الحاكم النيسابوري في المستدرك  تجعل الذي أراد التراجع عن القتال بسبب كلام علي هو طلحة بدلا من الزبير !
" ,,, كنا مع علي يوم الجمل. فبعث الى طلحة بن عبيد الله أن القني. فأتاه طلحة. فقال : نشدتك الله : هل سمعتَ رسول الله(ص) يقول : مَن كنتُ مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه ؟ قال : نعم! قال : فلم تقاتلني؟ قال : لم أذكر!
قال : فانصرف طلحة"
[60] انساب الاشراف من رواية قرة بن الحارث. وتاريخ الطبري. وروى ابو حنيفة الدينوري في الاخبار الطوال" قالوا : وان الزبير لما علم ان عمارا مع علي رضي الله عنه ارتابَ بما كان فيه , لقول رسول الله(ص) ( الحق مع عمار , وتقتلك الفئة الباغية)"
[61] مصادر هذا البحث : الطبقات الكبرى لابن سعد (ج3  ص110-112 و ج7 ص96), الاستيعاب لابن عبد البر(ص 263), الاخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري (ص148), تاريخ اليعقوبي (ج2 ص183), تاريخ دمشق لابن عساكر ( ج 18 ص417),  و ص415 و ص420),  انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص54),و الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (ج3 ص365).
س[62] وفي رواية ابن عبد البر في الاستيعاب ان الاحنف قال "ما شاء الله ! كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف, ثم يلحق ببنيه وأهله! فسمعه عميرة بن جرموز , وفضالة بن حابس ونفيع, في غواة من غواة بني تميم"
[63] وهذه رواها ايضاً ابن عبد البر في الاستيعاب في حديث عمرو بن جاوان عن الاحنف بن قيس, وفيها ان الرجل الذي أجار الزبير اسمه "البكر ,من بني مجاشع". وايضا رواها ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن عمرو بن جاوان. بل ان رواية البلاذري في انساب الاشراف تقول ان الزبير هو الذي طلب جوار النعر بن زمام فأجاره. وفي رواية أخرى لابن عساكر عن ابي القاسم السمرقندي ان الزبير هو الذي طلب الجوار.
[64] مصادر هذا البحث : كتاب الثقات لابن حبان ( ج2 ص283), الاستيعاب لابن عبد البر(ص 263), الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (ج3 ص367), الطبقات الكبرى لابن سعد, انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص51), ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (ج7 ص65), الاخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري (ص148), ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج18 ص  422-423).
[65] تذكر عدة روايات ان ابن جرموز قطع رأس الزبير وأتى به علياً. ولكني استبعد ذلك لأنه حتى تلك المرحلة لم تكن ثقافة قطع الرؤوس قد انتشرت كثيرا بين المسلمين. بل ان ظاهرة حمل الرؤوس المقطوعة سوف تستفحل ايام يزيد بن معاوية بعد مذبحة كربلاء , ومن بعده ايام عبد الملك بن مروان والحجاج.
وروى ابن عبد البر في الاستيعاب ان ابن جرموز جاء حاملاً راس الزبير المقطوع الى علي فبشره بالنار مما جعله يقول شعراً عبر فيه عن استيائه من علي. وأخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك ان القاتل جاء برأس الزبير الى علي.
[66] الطبقات الكبرى لابن سعد.
[67] انساب الاشراف للبلاذري  من طريق ابي مخنف.
واما الدينوري في الاخبار الطوال فذكر ان ابن جرموز رد على كلام علي"نقتل اعداءكم وتبشروننا بالنار "
[68] رواية ابن حبان في كتاب الثقات. واما الحاكم النيسابوري في المستدرك فيجعل الحديث النبوي هكذا "سمعت رسول الله(ص) يقول : لكل نبي حواري , وان حواري الزبير". وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري عن حديث البشرى بالنار" أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما وصححه الحاكم من طرق بعضها مرفوع"


[69] مصادر هذا البحث : الاستيعاب لابن عبد البر(ص 360-361), الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (ج3 ص370), الطبقات الكبرى لابن سعد ( ج5 ص38  و ج3ص223), انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص43), كتاب الثقات لابن حبان(ج2 ص283), ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (ج7 ص66), الاخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري (ص148), ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج57 ص259), تاريخ اليعقوبي (ج2 ص182), سير اعلام النبلاء للذهبي(ج1 ص36)  وكتاب الفتوح لابن اعثم(ج2 ص478), شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد (ج9 ص115), تاريخ خليفة بن خياط ( ص138-139).
[70] وابن عساكر أخذ روايته عن ابن سعد , والذي هو من المصادر القديمة.
[71] وفيه " فقال طلحة لما سقط: تالله ما رأيتُ كاليوم قط شيخاً من قريش أضيع مني ! اني والله ما وقفتُ موقفاً قط إلاّ عرفتُ موضع قدمي فيه, إلاّ هذا الموقف". وانا استبعد ان يكون طلحة قد وصف نفسه بالضياع هكذا, فهو قد وصل لهذا الوضع عن معرفةٍ وتدبير وليس عفو الخاطر.
[72] وسياق روايته يوحي ان مروان رمى طلحة بالسهم القاتل لما رآه يهمّ بالانسحاب من المعركة كما فعل الزبير.
[73] وفيه قال عن طلحة "  رُمي بسهم, جاء من طرق كثيرة ان مروان بن الحكم رماه ,,, وكان يومئذ أول قتيل"
[74] ذكر الحاكم عدة روايات حول مقتل طلحة , كلها تقول ان مروان بن الحكم هو الذي قتله. وبعض هذه الروايات هي عن أشخاص ذكروها بصيغة "شاهد العيان" مثل قيس بن ابي حازم وعكراش.
[75] وذكر روايات عن أبي مخنف, تنقل عن رجال سمعوا مروان يقول انه قتله, وأخرى تنقل عن عبد الملك بن مروان ان أباه أخبره انه هو الذي قتل طلحة
[76] وفيه يذكر ان مروان أقر أنه رمى طلحة بسهمٍ أصابه في نحره.
[77] مصادر هذا البحث : انساب الاشراف للبلاذري (ج3ص60 و ص46 و ص59), مروج الذهب للمسعودي (ج2  ص289), الكامل في التاريخ  لابن الاثير (ص420), كتاب الفتوح لابن اعثم (ج2 ص487).
[78] وفي رواية لابن الاثير في الكامل ان علياً قال لها بعد انتهاء معركة الجمل" كيف انت يا أمه ؟ قالت بخير . قال : يغفر الله لك. قالت : ولك". وان اجابتها هذه لا تدل على ندم بل تشير الى انها تعتبر الطرفين متساويين في المسؤولية , علما انها قالتها في ظروف صعبة كان من المتوقع معها ان تكون في ذروة الشعور بالندم.
[79] مصادر هذا البحث : ناريخ الطبري (ج3 ص507 و ص518)
[80] مصادر هذا البحث : تاريخ الطبري ( ج3 ص542) و تاريخ خليفة بن خياط (ص139), تاريخ اليعقوبي (ج2 ص 182) ,  التنبيه والإشراف للمسعودي (ص256) وايضا مروج الذهب للمسعودي (ج2 ص287 و ص289) , انساب الاشراف للبلاذري (ج3 ص58-59).
[81] تاريخ الطبري , وايضا تاريخ خليفة بن خياط .اما اليعقوبي فذكر في تاريخه ان قتلى الأزد كانوا 2700. بل ان المسعودي في التنبيه والإشراف يذكر 4000 قتيل من الأزد ! وكذلك فعل ابو مخنف في انساب الاشراف للبلاذري . ولكن هناك رواية اخرى لدى البلاذري عن محمد بن ابي يعقوب تنزل بعدد قتلى الأزد الى 1350 رجلاً.
[82] البلاذري في انساب الاشراف و تاريخ خليفة بن خياط , و تاريخ الطبري .  وايضا المسعودي في التنبيه والإشراف . اما اليعقوبي في تاريخه فيجعل الرقم 2000 قتيلاً من بني ضبة!
[83] تاريخ الطبري .
[84] تاريخ الطبري . رغم ان القسم الأعظم من هذه القبيلة لم يشارك في الحرب بل اعتزل القتال مع زعيمه الأحنف بن قيس.
[85] تاريخ الطبري .
[86] فمثلا : الأحنف بن قيس , زعيم تميم في البصرة, الذي كان اعتزل القتال يوم الجمل, شارك مع عليّ في صفّين. ذكر ذلك ابن الأثير في أسد الغابة (ج1 ص55)
[87] الإمامة والسياسة لابن قتيبة (ج1 ص108)
[88] البداية والنهاية لابن كثير (ج7 ص 282)
[89] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج17 ص252)
[90] ورد ذلك في تفسير القرطبي لسورة الأحزاب آية 33
[91] تاريخ الطبري (ج3 ص478)
[92] تاريخ الخلفاء (ص191)
[93] شرح نهج البلاغة (ج6 ص78). وروى ابن ابي الحديد هذه الرواية أيضا عن الشعبي (ص75) وبألفاظ قريبة من هذه , بل وفيها إضافة " وأبعد الناس من دنس أو عار"
[94] وقعة صفين لنصر بن مزاحم (ص103).